تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > كرم جبر > حرب أكتوبر ومعادلة القوة

حرب أكتوبر ومعادلة القوة

احتفال خريجى الكليات العسكرية الرائع الذى شرّفه الرئيس مساء الخميس الماضى يطرح سؤالًا مهمًا: لماذا تُسلح مصر جيشها ليكون من أقوى الجيوش فى العالم؟

والإجابة هى الأحداث الصاخبة فى المنطقة، حتى لا يجرؤ أحد على المساس بالأمن القومى المصرى، فالسلام يحتاج إلى قوة تحميه، والردع ليس معناه دخول الحرب، وإنما أن يعمل لنا الآخرون ألف حساب، فى عالم لا يحترم إلا الأقوياء.

انهارت الدول حولنا يوم انهارت جيوشها، وصمدت مصر لصمود جيشها، والجيش الذى حطم أسطورة العدو الذى لا يهزم فى ست ساعات، هو الذى أنقذ البلاد من جماعة إرهابية لا تقل خطورة عن المستعمر الأجنبى.

انهيار الجيوش العربية لم يكن صدفة، وإنما لإخراجها من معادلة توازن القوى فى المنطقة لتكون فى صالح إسرائيل، وبدأ الخلل الرهيب بخروج العراق من المعادلة بعد غزوه للكويت، ورغم كل الانتقادات التى توجه لنظام صدام حسين وأطماعه التوسعية، فكان مدبراً له منذ سنوات أن يدخل فى حروب إقليمية تنتهى بتدمير الجيش العراقى.

وخرجت دول عربية عديدة من معادلة توازن القوى فى المنطقة بعد الجحيم العربى الذى سُمى «الربيع»، وليس بالضرورة أن تخوض حروباً، ولكن للردع والاستعداد لمواجهة المخاطر المحتملة، وكان مدبراً لمصر أن تكون الجائزة الكبرى، وأن يكون سقوطها رصاصة الرحمة الأخيرة لأحلام العمل العربى المشترك.

ليس صدفة تحويل شعوب الدول التى كانت مستقرة إلى لاجئين يبحثون عن أرض تقبلهم وسماء تحميهم، والهدف هو قتل الهوية الوطنية والكفر بها، فلم تقدم لهم أبسط درجات الأمن والاستقرار، وصارت جنسياتهم نقمة عليهم.

وليس صدفة إشعال الصراعات الدينية والعرقية، وإيقاظ ما يسمى الصحوات الدينية فى كل دولة، لتتولى بنفسها مهمة الإشعال الذاتى داخل دولها مثل حرائق الغابات، الإخوان وداعش والنصرة وولاية سيناء وغيرها، وارتكبت الجماعات الإرهابية ضد أبناء وطنها جرائم تشبه إلى حد كبير ما تفعله إسرائيل فى غزة وجنوب لبنان.

وكان الطريق إلى تقويض ما تبقى من «الصمود العربى» هو لتفكيك الجيوش والحروب الأهلية وتشريد الشعوب وضرب الاستقرار، ووضع زمام الأمور فى يد إسرائيل وحدها لتعربد فى المنطقة دون رادع.

وليس صدفة تفجير الأزمات حول مصر من كل الجهات، والتأثير على الأوضاع الاقتصادية والظروف المعيشية، والتسلل إلى الرأى العام لبث اليأس والإحباط، والتقليل من الدور العظيم الذى يؤديه الجيش فى درء الفتن وحفظ أرواح شعبها، والمساهمة فى إعادة بناء الدولة المصرية القوية، التى مخطط لها أن تسقط.

الجيش الذى تنشق عنه الأرض ليحمى الدولة من المخاطر، وليس كل ما يعرف يقال ولو نطق الصامتون بما لديهم من أسرار لعرف المصريون حجم المؤامرات التى تستهدفهم، ولعرفوا أيضاً مقدار الصبر الذى تتحلى به دولتهم، صبر الواثق من إمكانياته وقدرته فى الإمساك بزمام الأمور والارتفاع عن الصغائر، والعبور بالوطن إلى بر السلام والحفاظ على هيبة الدولة.

ونتذكر فى ذكرى حرب أكتوبر أنها لم تكن تحريراً لسيناء، ولكن أيضاً رفضنا للهزيمة بكل صورها، وأصبحت «روح التحدى» تسرى فى وجدان البلاد، وتستنهض عزيمتها أوقات الأزمات.

«روح التحدى» التى حررت سيناء هى نفسها التى خلصت البلاد من بين أنياب وأظافر الجماعة الإرهابية، وأعطت البلاد القدرة على الاستقرار التام لمواجهة المخاطر التى تحدث فى المنطقة، وردع من تسول له نفسه المساس بالأمن القومى المصرى.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية