تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > كرم جبر > ثورة يوليو وأم كلثوم وعبد الحليم!

ثورة يوليو وأم كلثوم وعبد الحليم!

فى ذكرى ثورة 23 يوليو، قد نختلف حول أشياء كثيرة.. إلا الإبداع الذى فجرته الثورة فى الفنون والعلوم والآداب، فأيقظت القوى الناعمة المصرية، لتحميها من تيارات التخلف والتشدد والرجعية.

لم يكن الغناء ملهاة، ولم تكن الكلمات الوطنية للتسلية، ولكنها ملأت الفراغ الوجدانى لأجيال بأكملها، وعلمتهم حب العلم والنشيد والأرض والسماء والمياه، وشيدت بينهم وبين قوى الشر جداراً عازلاً، واختفى المشككون فى حب الأوطان، وكلما ارتفعت المشاعر الوطنية، انحسرت فى مواجهتها دعاوى الطائفية والتشرذم والتطرف.

وبقى من ثورة يوليو، الشدو القادم من أعماق الذكرى، فما زلنا نشعر بالحنين لأغانيها، ونتذكر أننا شعب كان يتوج أفراحه بالألحان، ونجوم عاشوا فى زمن الإبداع، ما أحوجنا لاستدعائهم، ليس حنيناً للماضى بأفراحه وأحزانه، ولكن للعودة إلى المستقبل، من بوابة المشاعر الوطنية الجميلة، التى تجعل القلوب تتحرك طرباً وحماسة.

الإبداع الذى تجسد فى حرص الأسر المصرية على السهر ليلة الخميس، للاستماع إلى حفلات أم كلثوم الشتوية، وكانت مهرجاناً كبيراً حول الراديو، واكتست كلمات الأغانى فى هذه الفترة بريقاً من ذهب، لأن المصريين أحبوا بلدهم، ومن يحب يتحمل الصعاب ويغفر الأخطاء، أم كلثوم التى وهبت فنها للثورة والدفاع عنها، رغم اتهامها بأنها كانت «مطربة الملك»، ولكن الفنان ليس ملكاً لأحد إلا وطنه، ويرتفع فوق كل التصنيفات.

وعبد الحليم كان زعيماً لأغانى الثورة، ورسم صوتها على الشفاه، وزود الجماهير المشتاقة للحرية بالحماس والأمل، وأهم مزايا الثورة أنها وضعت الفن فى مكانة عالية، فوضعها الفن فى قلوب الجماهير.

وأبدع فنانو مصر فى الاحتفاء بمناسباتهم الوطنية، أم كلثوم وعبد الوهاب ومحمد قنديل وغيرهم، وكان حفل أضواء المدينة فى احتفالات الثورة مولداً جديداً للفنانين، وأغنيات ما زالت رابضة فى الوجدان، واعتاد الموسيقار محمد عبد الوهاب، أن يقدم ملحمة وطنية كل عام، يشدو فيها كبار نجوم الفن المصريين والعرب.

شهدت مصر فى السنوات الأخيرة أحداثاً مضطربة، وتغيرت الأمزجة وتعددت الولاءات، وتجمع الحصاد فى أحداث يناير، حيث قفزت جماعة الشر فوق المشاعر الوطنية، واختارت لها علماً غير العلم، ونشيداً غير النشيد، واختلطت الدفوف الصاخبة بالإيقاعات الحالمة.. وظهر بيننا من يدعى أن حب الأوطان ضد الأديان، ومن يصوب رصاص الغدر فى صدر أخيه المصرى المسلم والمسيحي، ومن يقتل صائماً، ويحرق مسجداً وكنيسة.

واستدعت قوى الشر مخزون الوقيعة، لتفتيت الكتلة الصلبة على أساس دينى وطائفي، دون أن يدركوا أن مصر ليست كذلك، وإنها نيل عظيم يفيض خيراً فى المشاعر والوجدان، وينتج فناً خالداً يجرى فى العروق.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية