تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > كرم جبر > تهنئة للمسيحيين في أعيادهم

تهنئة للمسيحيين في أعيادهم

أتمنى أن يختفى أصحاب الفتاوى السوداء الذين يتاجرون بالدين ويصنعون من آرائهم جسورًا للفتنة، ويخرجون علينا بوجوه متجهمة وكلمات مظلمة، ويلوّحون بحديث مبتور وآراء شاذة، لا تُسيء للمسيحيين وحدهم، بل تطعن المسلمين فى صميم صورتهم وقيمهم.

هؤلاء لا يريدون خيرًا، ولا يحملون رسالة، إنهم فقط يتلذذون بإشعال الحرائق، ويعتبرون الفوضى مكسبًا وهدفًا، ما يسمّونه «فتاوى»، ليس إلا خطابًا أسود يخلو من العقل، ويعلّم الناس خُلقًا، ولا يبنى وطنًا، بل يزرع الكراهية ويُربك النفوس ويتصيد المناسبة ليعبث بوعى البسطاء.

هؤلاء الذن يحرمون الاحتفال بأعياد الميلاد، ينبغى ألا نعطيهم قيمة، ولا أن نمنح أقوالهم مساحة، علماء الدين الحقيقيون أصحاب الضمائر الحيّة، قالوا كلمتهم: التهنئة بالمناسبات الدينية خُلق إنسانى وجسر محبة، وتأكيد لمعنى المواطنة.

أنا لا أتحدث من منبر الفتوى، فهذا شأن الأزهر وعلمائه ومؤسسات الدين، وأتحدث كمصرى، حيث يتجاور صوت المآذن مع أجراس الكنائس دون صراع أو خوف، وتعلمنا أن الجار لا يُسأل عن ديانته بل عن معدنه، وأن الوطن يتّسع لنا جميعًا دون حواجز.

يؤلمنى أن يطل هذا الجدل من حين لآخر، من متطرفين يسيئون إلى دينهم ووطنهم، فنحن أبناء أرض واحدة، نرفع أيدينا إلى الله ذاته، وإن اختلفت الطرق والطقوس، وبيوت الله مساجد كانت أو كنائس تحظى بالاحترام نفسه، لأنها تدعو للسلام وتزرع الطمأنينة فى القلوب.
العلاقة مع شركاء الوطن ليست ترفًا ولا مجاملة؛ إنها خط دفاع أول عن البلد، ومن يعبث بها يعبث بالأمن القومى مباشرة، ويعرّض مستقبل الأجيال للخطر، فالوحدة لم تكن يومًا شعارًا سياسيًا، بل كانت سلاح المصريين عبر التاريخ.

عشنا أيامًا سوداء بعد ٢٠١١ حين حاولت قوى الظلام تمزيق النسيج الوطنى، فأحرقت الكنائس واعتدت على ممتلكات الأقباط، لكن المصريين لم يتراجعوا، ووقف المسلم يحرس كنيسة، والمسيحى يساند أخاه المسلم، وجاء صوت العلماء حاسمًا، الاعتداء على كنيسة كالاعتداء على مسجد تمامًا.

فى ذروة العنف والإرهاب، اكتشف الجميع أن رصاص التطرف لا يفرّق بين أحد، الهدف كان الوطن كله، واحتمى المصريون مسلمين ومسيحيين بعباءة مصر وهويتها الوطنية، التى ظلت دائمًا أكبر من كل محاولات الشقاق، وهذا هو الرصيد الذهبى الذى رسخته الدولة المصرية.

التطرف أيًّا كان لونه يخلط الحق بالباطل، ويشوّه الأديان، ويهدم ما تبنيه الشعوب بعرقها وصبرها، ومن يزرع الكراهية لا ينتمى لدين، ولا يعرف وطنًا.
ومع كل عيد، نثبت للعالم ولأنفسنا أن مآذننا وأجراسنا تعزف لحناً واحداً لا يفهمه إلا من شرب من نيلها، فليقل أصحاب الوجوه المتجهمة ما يشاءون، ويختبئون خلف فتاواهم السوداء، فالمحبة فى أرضنا ليست مجرد شعار نرفعه، بل هى العهد الذى نقطعه على أنفسنا كل صباح، والركيزة التى لن تسقط أبداً ما دام فينا قلب ينبض بالانتماء لهذا الوطن.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية