تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

بداية الفتنة الكبرى

كانت ليلة 19 رمضان والإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه، يكثر التأمل فى السماء وهو يكرر: «ما كذبت ولا كذبت إنها الليلة التى وعدت بها»، ثم خرج إلى المسجد لصلاة الفجر، وهو يوقظ الناس كعادته «الصلاة.. الصلاة»، وبينما هو منشغل فى مناجاته مع الله هوى على رأسه بالسيف عبد الرحمن بن ملجم، وهو يصرخ «الحكم لله لا لك»، فصاح الإمام «فزت ورب الكعبة».. وحتى يومنا هذا ما زالت كلمات السفاح بن ملجم تؤجج الفتن فى بلاد العرب والمسلمين، ولم تجف دماء الإمام على.

 تأملوا ما قاله بن ملجم «الحكم لله لا لك»، فقد كانت كلماته بداية الفتنة الكبرى بين المسلمين بعضهم البعض، وتم توظيف الدين لأغراض السياسة والحكم والسلطة، بالقتل والغدر وإراقة الدماء، وتحريف نصوصه السماوية لصالح السيف والجلاد، رغم أن الإمام الشهيد حين حملوه إلى بيته والدماء تسيل منه أوصى ولده الحسين وأهل بيته أن يحسنوا معامله قاتله وقال: «النفس بالنفس فإن أنا مت فاقتلوه كما قتلنى، وإن عشت رأيت فيه رأيى»، ولم يطلب الثأر والانتقام، ولم يأمر رجاله بحرق قاتله، وإنما ضرب المثل العظيم فى الحكمة والعدل وحقن الدماء.
 

 وعندما أتأمل هذا المشهد الجنائزى الحزين، أراه صورة طبق الأصل لما يحدث حولنا فى بعض الدول الشقيقة، وألمح أيضا أحفاد المجرم بن ملجم وأهله وعشيرته، وكانوا يختبئون كالفئران فى الجحور فى سيناء الغالية، ويزهقون أرواح شبابنا الذين افتدوا وطنهم بأرواحهم ودمائهم. 

وخلاصة القول، إن القتل عند الإرهابيين أسلوب حياة، ولم تعد الدماء والجثث تثير الفزع وأسيء استخدام الأديان المنزلة للهداية والسلام، ولن تنصلح الأحوال إلا بفصل الدين عن السياسة والسياسة عن الدين.

المشكلة الكبرى هى توظيف الدين الحنيف لمطامع وأغراض شخصية، فمن يريد النصب على الناس، لا يتورع فى الاجتراء على الإسلام بما ليس فيه، ومن يبحث عن الشهرة الكاذبة، يفعل مثل كثير من المدعين، الذين لا يمتلكون مؤهلات الإفتاء، وأهمها الدراسة فى الأزهر، ولو نظرنا حولنا لرأينا آلاف النماذج والأمثلة، لمن يسيئون للإسلام ويلحقون الضرر بالمسلمين.

أما الابتلاء الأكبر فهو الصراع السياسى على السلطة، وتوظيف الدين ليكون وسيلة للوصول إلى الحكم، ولم يدخل هذا الداء بلد إلا أفناه، وفجر بين أبنائه بحورا من الدماء، فكل المتقاتلين يزعمون أنهم ينفذون شريعة الإسلام، ويذبحون ويقتلون ويعتدون على المال والإعراض باسم الدين، مع أن جوهر الأديان هو الهداية ونشر المحبة والسلام، وليس القتل وإراقة الدماء.

 لم يبعث النبى صلى الله عليه وسلم إلا ليتمم مكارم الأخلاق، وأراد إنقاذ البشرية من الجاهلية، فتفنن بعضهم فى إغراق أمته فيما هو أسوأ من الجاهلية، وتحلى كثير من أبناء أمة الإسلام بالكذب والغدر والخداع، رغم أن رسولهم الكريم حثهم على الصدق والأمانة وعدم الخيانة.

 لم تتحقق عظمة الإسلام بالسيف والقسوة، وإنما بالعقل والرحمة، وتثبيت الأخلاق الكريمة، ونشر التعاليم الصحيحة، وهذا عكس ما يحدث الآن، فترجع للخلف بدلا من السير للأمام، ونهيئ أنفسنا للمستقبل، بالعودة إلى الكهوف المظلمة.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية