تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
أمريكا وإسرائيل وشبح الانتقام
ترى الولايات المتحدة أن ما حدث لها فى هجوم ١١ سبتمبر ٢٠٠١ صورة طبق الأصل لما حدث لإسرائيل فى ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، وكما اجتاحت أفغانستان والعراق، تشارك الآن فى الانتقام الوحشى من الشعب الفلسطينى.
لم تكتفِ أمريكا بردّ عسكرى على تنظيم القاعدة، وفتحت أبواب جهنم على الشرق الأوسط بأسره، أطلقت ما سُمّى «الحرب على الإرهاب»، وسخّرت ترسانتها العسكرية والاستخباراتية لقصف دول بأكملها، واعتقال الآلاف من العرب والمسلمين، وسنّ قانون «باتريوت» الذى شرع التنصت والاعتقال دون محاكمات.
وتكرر إسرائيل نفس النموذج، وتدمر غزة بالكامل وتغتال الأمل وتشدد الحصار والموت جوعًا، بدعم أمريكى وصفقات تسليح غير مسبوقة، وتغتال المدنيين وذنبهم الوحيد ما فعلته «حماس».
المبررات كاذبة عندما تُقارن واشنطن بين ١١ سبتمبر و٧ أكتوبر ولا وجه للتشابه بين الحادثين، فتنظيم
«القاعدة» لم يكن يمثل شعبًا ولا يسعى لتحرير أراضيه المحتلة، بل كان أحد إفرازات السياسات الأمريكية نفسها، حين درّبت وسلّحت مقاتلين فى جبال أفغانستان لمواجهة السوفيت، ثم فشلت فى «صرف العفريت».
أما «حماس»، فهى فصيل مقاوم نشأ فى ظل احتلال استمر لعقود طويلة، وواجه آلة عسكرية إسرائيلية تفوقه عدةً وعتادًا، ونجح رغم فارق الإمكانيات فى اختراق القبة الحديدية، وكسر هيبة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
كانت أمريكا مشغولة قبل أحداث سبتمبر بإعادة إحياء برنامج «حرب النجوم» أو «القوة تستيقظ»، الذى أنشأه الرئيس ريجان سنة ١٩٨٣ لمواجهة الخطر السوفيتى، وانقلبت نظريات الأمن القومى الأمريكى رأسًا على عقب بعد تفجير برجى التجارة، وأصبح الخطر الداهم هم من أسماهم بوش «أعداء البشرية والإنسانية والحضارة والتقدم».
والتاريخ يعيد نفسه.. فقد فشلت أنظمة الدفاع الإسرائيلية، رغم دعمها بتكنولوجيا أمريكية فائقة، فى التصدى لهجوم بدائى خطّطت له «حماس»، مثلما استيقظت أمريكا على كابوس سبتمبر بطائرات مدنية انتحارية أقوى من الأسلحة الفتاكة.
آثار أحداث سبتمبر لم تتوقف عند حدود نيويورك وواشنطن، بل امتدت شظاياها لتصيب قلب الشرق الأوسط، فأشعلت نيران الحروب، ومهّدت لولادة التنظيمات المسلحة، ومزّقت دول الربيع العربى تحت راية «محاربة الإرهاب»، وأحداث أكتوبر تصعد إلى حافة تكرار الكارثة، بفتح الطريق أمام تدمير غزة بالكامل، وتجريف ما تبقى من القضية الفلسطينية.
المشروع الأمريكى - الإسرائيلى لا يهدف فقط إلى إعادة رسم خرائط المنطقة، بل فرض «شرق أوسط جديد» تُمحى فيه فلسطين من الوجود، واستخدام القوة المفرطة والإبادة الجماعية كأدوات تنفيذ، فى مشهد يتناقض مع كل القيم الإنسانية والمواثيق الدولية.
وإذا لم يدرك العالم أن الانتقام لا يصنع أمناً، وأن العدل هو الطريق الوحيد إلى السلام، فإننا أمام مشهد أكثر ظلامية من كل ما سبق، لن تدفع ثمنه فلسطين وحدها، بل الإنسانية بأكملها.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية