تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
أم كلثوم لحن يعيش فينا
رفض الرئيس جمال عبدالناصر إقصاء أم كلثوم ومنعها من الغناء عندما قالوا له إنها من العهد البائد ومطربة الملك فاروق، فقال لهم إنها ملك مصر وليس الملكية، وصارت كوكب الشرق صوت الثورة والأحرار والثوار فى مصر والعالم.
خمسون عاما على الرحيل ولا يزال صوتها يغذى الضمير الوطنى بالدفء والحماس، وألحانها تستصرخ فينا حلم العودة إلى الأمجاد، فهى التى غنت «مصر التى فى خاطرى وفى فمى، أحبها من كل روحى ودمى»، وحين تعرض عبدالناصر لمحاولة اغتياله من جماعة الإخوان فى ميدان المنشية بالإسكندرية عام 1954، سارعت بتسجيل أغنية « يا جمال يا مثال الوطنية.. أجمل أعيادنا المصرية.. بنجاتك يوم المنشية».
أم كلثوم كانت متحدثا فوق العادة للمناسبات الوطنية، وغنت للسد العالى «كان حلما فخاطرا فاحتمالا، ثم أضحى حقيقة لا خيالا»، وغنت لوحدة مصر وسوريا 1958، وغنت للاتحاد الثلاثى الذى ضم مصر وسوريا واليمن، ومنحها جمال عبدالناصر وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى، ومن قبله منحها الملك فاروق لقب «قلادة النيل العظمى» فحازت لقب «صاحبة العصمة»، وتحصل عليه الأميرات.
صوت ام كلثوم لا يزال يعيش فينا ويأتى عبر الزمن، باعثا أسمى معانى الحب والهيام ويبث ألحانا خالدة ما أحوجنا اليها، وتصدرت صفوف عظماء القوة الناعمة المصرية التى تشد أزر الوطن وقت التحديات.
القوة الناعمة المصرية التى هى عشق الوطن والعلم والنشيد وكل شىء جميل، وهى حائط صدّ لمَن يحاول المساس بمصر او تغيير ثقافتها، وتحدت أعداء الابداع عندما حاول الإخوان فى عام حكمهم ان يتخذوا علما غير العلم ونشيدا غير النشيد وفشلت محاولاتهم لاختزال الوطن الكبير تحت عباءتهم الصغيرة.
مصر فى أمس الحاجة لأن تنفض التراب عن الذهب، وأن تستعيد ثقافتها وحضارتها وفنونها وآدابها، وأن تحمى شعبها بسياج آمن من الوعى واليقظة، والتصدى لمحاولات تجريف قوتها الناعمة، أو استبدالها بفنون لا تعبر عن عمقها وأصالتها .
مصر لا تنفع معها ثقافة الانغلاق ولا التقليل من شأن المثقفين لصالح المتطرفين، ولا اجهاض رواد الإبداع، وإنما إضاءة مشاعل التنوير، والانفتاح على كل الثقافات والحضارات، والابتعاد عن التعصب وضيق الأفق.
ثقافة مصر التى خاف عليها المصريون من الإخوان، هى عصارة وعى أدبائها العظام، ورصيد الفنون المصرية الأصيلة، أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم والسنباطى وعبد المطلب ومحمد قنديل، وطابور طويل من المثقفين والأدباء والشعراء وعظماء الفكر الذين يتجاوز عددهم الإخوان وتنظيماتهم المتطرفة.
المثقفون المصريون هم عصب القوة الحريرية المصرية، وحسب تعريف «جوزيف ناى» نائب وزير الدفاع فى عهد كلينتون ومخترع نظرية القوة الناعمة «أصحاب الجذب والإعجاب والضم، دون اللجوء إلى القوة كوسيلة للإقناع، وأصحاب القوة المعنوية الروحية القادرون على التفاعل والتأثير».
أم كلثوم ورواد مصر العظام هم الحراس الأمناء على الحضارة والثقافة والفنون والآداب وعناوين للقوة الناعمة، ومزيج من عظمة الفراعنة وتسامح الأديان والمودة والتلاحم والانسجام المجتمعى، ومَن يحاول إقصاءهم يحكم على نفسه بالإقصاء.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية