تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
الدراما بين الإبداع والابتذال
سعادتى كبيرة لأن الرئيس وجَّه باستعادة الفنون المصرية الأصيلة وفى صدارتها الدراما، بعد غفلة من الزمن استشرى فيها القبح، وتحولت الفنون الجميلة الى مستنقعاتٍ للترويج للبلطجة والمخدرات والألفاظ البذيئة والإثارة الرخيصة.
ارتكبت بعض الأعمال الدرامية جريمة إفساد الذوق العام والمفسدة المشجعة على الانحراف، والافتقاد لأى بعد أخلاقى، والترويج للعنف والسلوك العدوانى وتقديم صورة مشوهة للمجتمع.
أتذكر فى إحدى المناسبات القومية قبل يناير ٢٠١١ سألت مسئولاً مصرياً كبيراً: لماذا لا تستعينون بالفنانين المصريين لإحياء الحفلات الوطنية ويقتصر ذلك على جنسيات اخرى؟.. وكان الرد: مين.. قولى أى اسم!!
وذكرت له اسمين أو ثلاثة، وكان تعليقه «متقدرش تشيل».. بمعنى غير قادرة على إحياء حفل كبير بالمواصفات التى تناسب الحدث ولا تلقى رواجاً.
فى السبعينيات والستينيات وقبلها، كان الحفل الواحد يتسابق عليه عشرة أو خمسة عشر فناناً ومطرباً، من الأغانى الوطنية حتى العاطفية والشعبية والمواويل والفلكلور، فى منافسات قوية لإبراز القوة الناعمة.
وفى سنوات سابقة سيطرت المسلسلات التركية على الدراما فى القنوات المصرية، وأصبحت اللكنة غير مصرية، وتم تعميمها بشكل واسع فى المسلسلات المُدبلجة، فتعود عليها الصغار والكبار، وأصبحت اللهجة المصرية غريبة على الآذان.
وعندما بدأت الدراما المصرية تسترد مكانتها، لم تلبث حتى سيطر عليها صناع الدراما الرديئة ومفسدو الذوق العام، وتقديم محتوى مُبتذل وسوقى، والتركيز على الألفاظ النابية والمشاهد التى لا تضيف أى قيمة فنية أو فكرية، وتعمد تشويه القيم الاجتماعية وتصويرالانحرافات السلوكية وكأنها أمور طبيعية أو حتى بطولية، مما يؤثر على أخلاقيات المجتمع.
لم يقتصر الأمر على ذلك، وتم الترويج للعنف والجريمة.
وجعل الشخصيات الإجرامية قدوة، أو تقديم العنف كحل مشروع للمشاكل، وتغريب المحتوى الدرامى بحيث يصبح بعيدًا عن الهوية المحلية، مما يؤدى إلى فقدان الأصالة الثقافية.
وامتد التردى الى مجال الغناء وهروب بعض الأصوات الشابة إلى الأوبرا والأغانى القديمة، فظلت أسيرة لها، لأن من يستمع لمطربٍ شاب يغنى لعبد الحليم مثلاً، يصعب عليه الخروج من القديم، ولا يقبل منه الجمهور أى أغانٍ جديدة.
لم أفقد إيمانى يوماً بأن مصر ولاّدة، وفيها عشرات الآلاف من المواهب فى جميع المجالات، وجاء تدخل الدولة لدعم الأعمال التى تعكس القيم الإيجابية وتعالج القضايا الاجتماعية بذكاء ومسئولية، وتشجيع الكُتّاب والمخرجين على تقديم محتوى هادف يجمع بين الإبداع والتوعية، وفرض رقابة واعية وليست قمعية على المحتوى دون المساس بحرية الإبداع.
مطلوب الرجوع إلى أهل الخبرة والاختصاص فى كل مجال، والبعد عن إقحام الأعمال الدرامية بالشتائم والسباب والمشاهد الفجة التى تخرج عن سياق البناء الدرامى وتسيء للواقع المصرى والمصريين، خاصة أن الدراما المصرية يشهدها العالم العربى والعالم كله، والتوقف عن تمجيد الجريمة باصطناع أبطال وهميين يجسدون أسوأ ما فى الظواهر الاجتماعية السلبية التى تسهم الأعمال الدرامية فى انتشارها.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية