تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > كرم جبر > الإعلام.. زمان واليوم وغدًا!

الإعلام.. زمان واليوم وغدًا!

كنا ننتظر «أهرام» الجمعة لنعرف أخبار الحرب من محمد حسنين هيكل «بصراحة» بعد هزيمة يونيو، ونبحث عن «أخبار اليوم» السبت لنقرأ «أخبار الغد» التى يكتبها على أمين، وكان التليفزيون قناتين فقط «خمسة» و«تسعة» ويغلق الإرسال «السلام الجمهورى» الساعة «اتناشر» مساء بالضبط.
كانت الصحافة «صاحبة الجلالة» والصحفيون «نبلاء القلم»، والمذيعون والمذيعات نجومًا متوهجة، همت مصطفى وليلى رستم وملك إسماعيل وسلوى حجازى، وجلال معوض وحمدى قنديل ووجدى الحكيم ومحمود سلطان وصلاح زكى وأحمد سعيد وغيرهم.
والآن لم تتغير الدنيا فقط بل انقلبت وتقف فوق رأسها، وبعد أن كان القانون عند أساتذة المهنة «السبق الصحفى الكاذب انتحار مهنى»، صار «التريند الكاذب أسلوب حياة»، و»أم سجدة وأخواتها» هم صناع المحتوى.
وغدًا القادم أسوأ عندما يتوغل الذكاء الاصطناعى فى شرايين الإعلام، ويلجأ البعض إلى استخدام وجهه الشرير، فى تضليل المعلومات وتزييف الصور والفيديوهات وفبركة الأحداث، ورأى عام متحفز لتصديق السلبيات وتمجيد المساوئ.
أما نشرات الأخبار الإذاعية والتليفزيونية فكانت تُبث بروتوكولًا كاملًا من الانضباط والاحتراف، صوت المذيع الرصين، وطريقة عرض الأخبار وترتيب الأولويات، كلها عناصر كانت تبنى مصداقية لدى الجمهور، لم يكن المذيع نجمًا أو ممثلًا، بل ناقلًا أمينًا للحقائق.
ما يميز الإعلام زمان، قبل ثورة الإنترنت والسوشيال ميديا، أنه كان يقوم على التحقق قبل النشر، ورغم محدودية الوسائل كان للصحافة مكتسبات كبيرة، والجرائد الورقية، على سبيل المثال، لم تكن مجرد وسيلة لنقل الأحداث، بل كانت فضاءً ثقافيًا يضم مقالات رأى وتحليلات عميقة تُسهم فى تشكيل الوعى العام.
واليوم ومع الانفجار الرقمى، صار كل شخص يحمل هاتفًا ذكيًا يعتبر نفسه مؤسسة إعلامية مستقلة، وأصبح الإعلام «مهنة من لا مهنة له»، وأصبحت «التريندات» تسبق الحقائق، وتسيطر المشاهدات على بوصلات التغطية، ولم يعد السؤال: هل الخبر صحيح؟ بل أصبح: هل الخبر «تريند»؟ وهنا يظهر الفرق الجوهرى بين إعلام الأمس وإعلام اليوم.
كان الإعلام زمان يشبه نافذةً صغيرة لكنها واضحة تطلّ على العالم، لم تكن تلك النافذة مليئة بالضجيج أو محاطة بالآراء المتشابكة كما هو الحال اليوم، بل تتمتع بقدر من الهدوء يسمح للخبر بأن يُسمَع، وللمعلومة بأن تُفهَم، وللمواطن بأن يستوعب ما يجرى حوله دون أن يضطر لفرز الحقيقة من بين عشرات الشائعات.
لن يعود الزمن إلى الوراء، لكن يمكننا أن نتعلم منه، وإعادة الاعتبار لقيم الإعلام التى لا تعنى رفض التطور، بل أن تكون التكنولوجيا فى خدمة الحقيقة، لا أن نضع الحقيقة تحت رحمة السرعة، وما يحتاجه الناس إعلامًا يُطمئنهم إلى أن ما يقرأونه أو يشاهدونه يستحق الثقة.
كيف يمكن للمؤسسة الإعلامية التحقق من الأخبار المضللة والصور والفيديوهات المزيفة؟
الإجابة عن السؤال.. غدًا.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية