تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > كرم جبر > الإعلام الرقمى والمعادلة الصعبة !

الإعلام الرقمى والمعادلة الصعبة !

نحن أمام معادلة صعبة: كيف يتمتع الإعلام الرقمى بمساحات كبيرة من الحرية ويُعبّر الناس عن آرائهم وينتقدون الواقع، دون أن يتحول هذا الفضاء إلى مستنقع للفوضى والإساءة والتحريض والانحلال؟

فى السنوات الأخيرة سيطرت منصات مثل «تيك توك» و»يوتيوب» و»إنستجرام» على نسب مرتفعة من المتابعة، بمحتويات صادمة تمسّ القيم الدينية وتنتهك الأخلاق العامة، وتُحرّض أحيانًا على العنف والانتحار، ومثل هذا المحتوى لا يمكن اعتباره «حرية رأى»، لأنه ينتهك بوضوح حقوق المجتمع وسلامته النفسية والدينية.

وعبر الرأى العام فى مصر عن ارتياحه للإجراءات القانونية ضد البلوجرز، بعد ارتكابهم جرائم يعاقب عليها القانون، سواء غسيل الأموال أو الأعمال المنافية للآداب، وهى اتهامات ليست مرسلة أو مطاطة، فى ظل الوقائع المشينة التى تم ضبطها.

لم يكن الهدف من التعامل الأمنى المباشر التضييق على المعارضين أو المختلفين فكريًا، ولم تكن الرقابة انتقائية وتقوّض الثقة فى العدالة الرقمية، بعد أن ضربت الفوضى العارمة كل القواعد والضوابط القانونية والأخلاقية.

الإعلام الرقمى ليس كله شرًا، الأسلوب الأمثل هو بناء منظومة متوازنة تحمى القيم وتحترم الحريات وتُحاسب دون استبداد، وتحتوى الجميع دون إبعاد أو إقصاء، تستطلع آفاق المستقبل.

وهذا يتطلب أن يكون هناك تعريف دقيق للمحتوى المحظور، يميز بين التحريض على الكراهية أو الفجور، وبين النقد والتعبير الذى قد يزعج البعض لكنه لا يهدد السلام المجتمعى، وعدم الاكتفاء بالحذف والمنع، بل إنتاج محتوى بديل محترم ومؤثر، والشباب لن يتركوا تيك توك لأننا طلبنا منهم ذلك، بل إذا وجدوا محتوى راقيًا يعبر عنهم، ويخاطب عقولهم ولغتهم العصرية دون وصاية.

الحفاظ على القيم الدينية والأخلاقية لا يعنى معاداة التكنولوجيا، بل توجيهها لصالح المجتمع، وحرية الإعلام لا تعنى أن نترك أطفالنا وفتياتنا فريسة للابتذال والتحريض والانحراف، وبين هذا وذاك تقف الدولة والمؤسسات الدينية والمجتمع المدنى والإعلام، أمام مسئولية كبيرة.

الاتحاد الأوروبى - مثلًا - يفرض على المنصات مدونات سلوك إلزامية ويتم الضغط على فيسبوك ويوتيوب وتويتر وتيك توك، لتحديد وإزالة الشبكات المنظمة للحسابات المزيفة، ويتم التعامل مع اللجان الإليكترونية أو الجيوش السيبرانية وحملات التضليل وفق إستراتيجية شاملة تجمع بين القوانين والتعاون الأمنى وحملات التوعية.

و»قانون الخدمات الرقمية» الذى أصدره الاتحاد يفرض على المنصات الكبرى مثل فيسبوك وتويتر وإكس الكشف عن مصادر الإعلانات السياسية، ومكافحة الحسابات المزيفة وحذف المحتوى المضلل، وينظم «قانون الأسواق الرقمية» عمل الشركات الرقمية الكبرى لمنع الاحتكار والتلاعب بالمعلومات.
وتشريعات وطنية فى بعض الدول مثل ألمانيا وفرنسا تعاقب على نشر معلومات كاذبة بشكل متعمد أو استخدام روبوتات للتأثير على الانتخابات، وأنشأ الاتحاد «فرق الاتصال الإستراتيجي» لرصد الحملات الدعائية، وينشر أسبوعيًا تقارير عن الحملات الإليكترونية الموجهة ضد أوروبا.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية