تهب على مصر دائماً نسائم نصر أكتوبر العظيم، وتحيا فى وجدان الشعب ذكريات لا تموت هى روح أكتوبر، التى أصبحت رمز الإصرار والتحدى والوحدة الوطنية، وتبعث فى قلوب المصريين الإيمان بقدرتهم على مواجهة المؤامرات والتحديات التى تستهدف الوطن.
كانت روح أكتوبر درعاً واقياً لمصر أمام محاولات إدخالها فى دوامة الفوضى التى اجتاحت المنطقة فيما سمى بـ «الربيع العربي»، ولم يدرك الأشرار أن مصر هى بلد التسامح والتعايش السلمى، حيث عاش المسلم والمسيحى جنباً إلى جنب، وانتصروا معاً فى حرب الكرامة عام ١٩٧٣، ولن يسمحوا أبداً بأن يكونوا وقوداً لفوضى أو أدوات لهدم وطنهم.
ولم يفهم الأشرار أن العلم المصرى الذى رفعه المقاتل البطل على أرض سيناء بعد العبور العظيم، لا يمكن أن يُستبدل برايات سوداء لجماعات إرهابية تنكر الهوية، وتسعى لطمس معالم الوطنية، فمصر التى غنت للعزة والكرامة «عبرنا الهزيمة يا مصر يا عظيمة»، لا يمكن أن تستبدل أناشيدها الوطنية بأغانى الظلام، لأن عشقها للوطن أعمق من أن تهزه دعاوى باطلة أو أفكار دخيلة.
لا تمثل ذكرى انتصار أكتوبر مجرد مناسبة عسكرية، بل هى تجسيد لمعنى الوحدة الوطنية والإرادة الجمعية، ففى كل مرة تحل فيها يتجدد الإيمان بأن روح أكتوبر هى سلاح الردع الذى يحمى البلاد فى المحن والأزمات، وهى ما دفع المصريين للالتفاف حول وطنهم حين شعروا بالخطر الذى مثلته الجماعة الإرهابية، عندما حاولت طمس الهوية المصرية ونشر ثقافة «اللا وطن».
كانت هذه الجماعة أكثر خطراً من عدو خارجي، لأنها حاولت أن تبنى وهم «الخلافة» على أنقاض الوطن، لكنها وجدت فى طريقها شعباً واحداً مؤمناً بقدسية أرضه، متمسكاً بعلمه وهويته، وكما توحد المصريون فى حرب أكتوبر لتحرير الأرض، توحدوا لحماية الوطن من الإرهاب، ليكمل الأبناء ما بدأه الآباء، وتحرير الأرض من الاحتلال، وتطهيرها من دنس التطرف، والمضى قدماً فى معركة البناء والتنمية.
روح أكتوبر لم تكن مجرد لحظة فى التاريخ، بل هى طاقة متجددة تمد المصريين بالعزيمة لمواجهة كل الصعاب، ونحن نواجه تحديات اقتصادية وأمنية وتنموية، فإن استحضار تلك الروح هو السبيل لعبور الأزمات وبناء مستقبل يليق بمصر العظيمة.
وكما عبر الأبطال القناة تحت وابل النيران، مصر قادرة على عبور التحديات الراهنة بالعزيمة نفسها والإيمان بأنها باقية وخالدة، وأن كل من ضحوا من أجلها فى ميادين الحرب والبناء سيظلون خالدين فى وجدان الأمة.
وتبقى روح أكتوبر شعلة متقدة فى وجدان المصريين، لا تنطفئ بمرور الزمن، تتجدد فى كل لحظة تحدٍ تواجهها البلاد، وعلمتنا أن الإرادة تصنع النصر، وأن وحدة الصف قادرة على هزيمة أعتى الأعداء.. تحتاج مصر إلى استدعاء تلك الروح لتواجه ما يعترض طريقها من أزمات، وتواصل مسيرتها إلى مستقبل يليق بتاريخ هذا الوطن العظيم وشعبه الذى لا يعرف الانكسار .