تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > كرم جبر > «دولة التلاوة».. وما زالت مصر تنشد!

«دولة التلاوة».. وما زالت مصر تنشد!

فى زمن التفاهة والترند، جاء برنامج «دولة التلاوة» نسمة نورانية تعيد للروح صفاءها، وللذوق المصرى الأصيل مكانته، وللفن الدينى هيبته وجماله.. البرنامج حالة إيمانية وفنية استثنائية، أشعلت فى القلوب شغفًا بالقرآن، وأعادت للشباب معنى القدوة الحقيقية.

بدا واضحا الاختيار الدقيق لصُناع البرنامج، ويستحقون أوسمة الاحترام، وقدموا عملا لا يكتفى بالإبهار، بل يصنع جيلاً جديدًا من النجوم الذين يجمعون بين العلم والإيمان وجمال الصوت وروعة السمات، ويفتح أمام الأطفال والشباب أبوابًا كانت موصدة، ويقدم لهم نماذج مشرقة تتسم بالوقار والانشغال بكل ما هو نافع وبنّاء.

البرنامج يقدم محتوى يستطيع أن يُزيح كل ما هو مبتذل وسخيف، ويجذب إليه مختلف فئات المجتمع بفضل نقائه وجاذبيته وقيمه العالية، ومع كل حلقة يُغرس فى القلوب معانى الانضباط والتركيز والإتقان واحترام قواعد المنافسة الشريفة.

نحن فى أمسّ الحاجة ليتعلم الأطفال والشباب احترام العلم وتقبّل النقد، والانتظار الصبور الذى يسبق لحظة الإتقان، فتتشكل لديهم شخصية جديدة أكثر قوة ونضجًا، أما المشاهدون فيجدون أنفسهم مدفوعين لاستثمار أوقاتهم، وكأن البرنامج يوقظ فيهم يقينًا بأن لكل إنسان جمالًا دفينًا يستحق أن يخرج إلى النور.
وفى بعد آخر لا يقل أهمية، يعيد البرنامج الاعتبار لمدرسة التلاوة المصرية التى تُعد أحد أعمدة القوة الناعمة، والتى يشعر كل مصرى تجاهها بالفخر والطمأنينة والانتماء، ومع كل صوت جديد يطل عبر «دولة التلاوة»، يشعر المتابع بأن هذا التراث العظيم لا يزال قادرًا على التجدد والبقاء.

والأجمل أن البرنامج يقدّم محتوى آمنًا تربويًا، ويستطيع الآباء الاعتماد عليه، كبديل لما يمتلئ به الفضاء الرقمى من مشاهد عنف أو تفاهة أو إسفاف، ليكون كشاف مواهب مصرية خالصة، تسعى لإحياء المدرسة المصرية المتفردة فى التلاوة والإنشاد.

ولأن «دولة التلاوة» امتداد لتاريخ طويل من العشق الروحي، فإن ذكراه لا تنفصل عن رواد الإنشاد الدينى فى مصر؛ أولئك الذين قال فى فنهم الأديب زكى مبارك إنه لون من التعبير عن العواطف الدينية وباب من الأدب الرفيع.

ونتذكر الشيوخ على محمود وطه الفشنى ونصر الدين طوبار ومحمد رفعت والفيومى وزكريا أحمد والنقشبندى، وطابورا طويلا من المنشدين العظماء.. أصواتًا ذابت حبًا فى رسول الله صلى الله عليه وسلم..

كان الشيخ على محمود، كما قال عبد العزيز البشري، يُوقف الطير السارح فى السماء بصوته، بينما كانت تراتيل النقشبندى فى ليالى رمضان تهز القلوب، خصوصًا عند أذان الفجر، حين يصدح «اللهم صلّ على النبى، اللهم صل على حضرة النبى» فتصفو الأرواح وتسمو المشاعر.

«دولة التلاوة».. وما زالت مصر تنشد، ويعيد وهجًا روحيًا افتقده الناس طويلًا، ويغرس فى النفوس يقينًا بأن الجمال الحقيقى يبدأ من كلمة تتلى بإخلاص، وصوت يصدح من القلوب المحبة.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية