تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > كرم جبر > «الفوضى الخلّاقة».. اسم جميل للخراب !

«الفوضى الخلّاقة».. اسم جميل للخراب !

أيام ويهل شهر يناير وتعود الذاكرة مُثقلةً بأحداثٍ جسام، حفرت آثارها فى الوجدان.. لم يكن شهرًا عابرًا فى تاريخ الوطن، بل علامة فارقة، حملت بين طياتها الدروس والعبر، والعبرة الأصدق التى خرج بها المصريون، أن الوطن إن ضاع ـ لا قدّر الله ـ فلن يعود، وأن الحفاظ عليه واجب لا يقبل التهاون أو المساومة.

منذ البداية رفضت مصر نظرية «الفوضى الخلّاقة» بكل مسمياتها البراقة، من «الربيع العربى» إلى «جنة الديمقراطية»، ورأت بخبرتها الضاربة فى جذور التاريخ ما لا يراه غيرها، وتدرك أن هذه الشعارات ليست سوى شرارات تنذر بحرائق كبرى، يسهل إشعالها ويصعب إطفاؤها، فالأوطان ليست حقول تجارب، ولا الشعوب وقودًا لمخططات مشبوهة.

لم يصدق كثيرون أن هذا البلد العريق يمكن أن يضيع، أو أن يُسلَّم مصيره لجماعة إرهابية، جاءت لتهدم السمات الأصيلة للشعب المصرى العظيم، وفى مقدمتها: حب المصريين لوطنهم، واستعدادهم للتضحية من أجله، ولكن تلك الجماعة نجحت لفترة، فى إخراج أسوأ ما فى بعض النفوس، فمارست الكذب والغش والخداع بلا خجل، ولا ندرى كيف يجتمع الزيف مع ادعاء التدين؟، ففى شريعتهم المشوهة، تصبح كل المحرمات حلالًا، ما دامت توصِل إلى السلطة.
ماذا فعلت مصر لتلك الجماعة حتى تعبئ عقول الشباب بكراهية وطنهم؟، كيف أقنعوهم بارتداء أحزمة الديناميت، ليقتلوا أبناء وطنهم؟، بدلًا من أن يصيروا مهندسين وأطباء ومدرسين، يبنون ولا يهدمون، ويزرعون الخير أينما ساروا؟ أى فكرٍ هذا الذى يستبدل الحياة بالموت، والبناء بالدمار؟

فى أحداث يناير كان المصريون جميعًا شهود عيان على واحدة من أخطر المؤامرات التى تعرضت لها البلاد فى تاريخها الحديث، مؤامرة استهدفت نزع الهوية، وطمس التاريخ وتشويه الحضارة، واستبدالها بدولة المرشد، بقوانينه وميليشياته، لكن الشعب بكل فئاته، كان شريكًا فى انتزاع الوطن من أنياب الشيطان، واستعادة مصر إلى أهلها.

كان الأوفياء يذرفون الدموع دمًا، وهم يشاهدون الكاميرات الأجنبية تعبث فى شوارعنا ومياديننا، تبث الخراب وتُصدّر الألم، وكأننا صرنا «فرجة» للعالم، وتساءلنا بمرارة: هل هانت مصر على بعض أبنائها وعلى الأشرار إلى هذا الحد؟

لم يكن طريقهم إلى السلطة مفروشًا بالخير، بل بالشر والدمار، خربوا أبراج الكهرباء ومحطات المياه والمرافق العامة، ليغضب الناس ويثوروا، ثم يأتوا هم لركوب موجة الغضب واستثمار الكوارث، لكن مصر رغم الجراح بقيت واقفة، لأن الأوطان لا تسقط ما دام فيها شعب يعرف قيمتها، ويحفظها فى القلب.
لم تهن مصر ولن تهون، فالأوطان قد تمرض لكنها لا تموت، ما دام فيها شعب واعٍ يعرف قيمتها، وبعد كل ما مرّ، يبقى الدرس قاطعًا: مصر ليست ساحة صراع، ولا جائزة لمن يرفع شعاراتٍ كاذبة، مصر وطن، ومن لا يحفظ الوطن، لا يستحق أن ينتمى إليه.
 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية