تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > كرم جبر > «الحماية» و«الخيانة» فى العدوان على قطر!

«الحماية» و«الخيانة» فى العدوان على قطر!

الجملة التى قالها رئيس الوزراء القطرى عقب الغارة الإسرائيلية على الدوحة «ترامب وعدنا بالحماية ثم تعرضنا للخيانة»، تختصر المشهد، وتكشف زيف النظرية التى ابتدعها الرئيس الأمريكى ترامب «الحماية مقابل الدفع».

لم يكن الهجوم على الدوحة حادثاً معزولاً عن سجل الاضطرابات الإقليمية، بل محطة كاشفة لبداية انهيار منظومة التحالفات التقليدية، ومنذ اللحظة الأولى يطرح ما حرى أسئلة عميقة فى الأوساط الخليجية نفسها تتجاوز حدود قطر، لتطال مستقبل الأمن الخليجي، ومصداقية الوعود الأمريكية، ودور إسرائيل المتصاعد.

وتطرح وسائل الإعلام الخليجية لأول مرة تساؤلاتٍ حول : إنفاق مليارات الدولارات فى صفقات تسليح ضخمة، وحين جاء الاختبار الفعلى لم يتحقق أى دفاع حقيقى ، هذه الحقيقة تمثل ضربة قاسية لمكانة واشنطن كضامن أمني، وتفتح الباب أمام مراجعة جذرية للتحالفات.

ويتعاظم الحديث عن ضرورة إعادة التوازن مع الدول الكبرى فى آسيا فى مشروعات التعاون المُحتملة ، فالصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية ليسوا مجرد شركاء تجاريين، بل قوى قادرة على توفير شراكاتٍ أمنية وتكنولوجية متقدمة، بكين مثلاً تعرض مزيجاً من الاستثمار والتسليح والدعم السياسي، وهو ما قد يغرى العواصم الخليجية التى تبحث عن مظلة تعوّض تراجع الثقة بواشنطن ولم يعد ذلك احتمالاً بعيداً، بل أصبح خياراً استراتيجياً يزداد واقعية .

والقضية الأخطر تتعلق بالسلاح الأمريكى نفسه ، وما جدوى الطائرات المقاتلة ومنظومات الدفاع الصاروخى إذا عجزت عن ردع هجوم محدود من عشر طائرات اسرائيلية ؟،

وهنا يظهر أن واشنطن تبيع «وهم الحماية» أكثر مما تقدم ضماناتٍ حقيقية، وهذه الفجوة بين التكلفة الباهظة والعائد الأمنى تضع صفقات السلاح الأمريكية تحت المجهر.

ويبرز الدور الإسرائيلى بحدة ، فبينما اكتفى ترامب بوعود لفظية بعدم تكرار العدوان، لوّح نتنياهو بتهديد مباشر قائلاً: «إذا لم تنصع قطر ودول أخرى لشروط إسرائيل بخصوص حماس فإن الهجمات قد تتكرر» ، وهذا التهديد يكشف عن أن تل أبيب باتت اللاعب الأكثر تأثيراً فى المعادلة، إلى درجة جعلت كثيرين يتساءلون: من يقرر فعلياً فى القضايا الحساسة، واشنطن أم تل أبيب؟

والمقارنة بين ترامب ونتنياهو تفسر الخلل ، ترامب رئيس دولة عظمى، لكنه مُقيد بحسابات انتخابية ومؤسسات متشعبة، أما نتنياهو فيستند إلى تحالفاتٍ راسخة مع الكونجرس واللوبيات المؤثرة، مما يجعله أحياناً أكثر قدرة على توجيه السياسات الأمريكية نفسها، وبهذا المعنى تبدو إسرائيل ليست مجرد حليف، بل شريك يفرض أجندته فى البيت الأبيض.

وفى خضم هذه التعقيدات، تظل مصر رقماً صعباً ، وتهديد نتنياهو المُبطن بذكر «دول أخرى» ينذر بعواقب شديدة الخطورة على المنطقة كلها ، فى ظل امتلاك الجيش المصرى لأسلحة هائلة تجعل إسرائيل تفكر ألف مرة قبل الإقدام على أى مغامرة مجنونة ، وهى تعلم جيداً قدرة القوات المسلحة المصرية على الوصول إلى أى هدف فى إسرائيل.

الخلاصة أن هجوم الدوحة لم يكن مجرد عدوان غادر ، بل زلزال سياسى قد يضرب أساس التحالف الاستراتيجى الخليجي- الأمريكي، ويفتح الباب لإعادة التفكير فى نظريات الأمن ، وإحياء أمل الاستناد إلى قوة عربية رشيدة قادرة على حفظ التوازن.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية