تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الدراما المصرية تستعيد عطائها الممتد لأكثر من خمسين عاما ،وبدأت عجلة الإنتاج تدور من جديد فى الفترة الأخيرة ، وهذا له تأثير ملحوظ في عدد من الأعمال الدرامية التي تم انتاجها هذا العام، بعد أن تقلص عدد المسلسلات خلال موسم رمضان الماضي وقبل الماضي ، واتجهت الدولة والمنتجين والنقاد والخبراء بتشجيع النجوم والمخرجين بعد أزمة جائحة كورونا التى تسببت فى توقف العديد من الأعمال وتأجيلها على مدار عامين ، لهذا كان هذا الموسم الرمضانى أكثر تنوعا بصورة كبيرة مقارنة بالمواسم الماضية من حيث الموضوعات وهذا التنوع نابعا من اعتماد كتاب السيناريو فى أعمالهم على الأدب بشكل عام.

وشهدت الدراما منافسة ساخنة بين أبطالها من النجوم للفوز بأكبر نصيب من المشاهدة على شاشة التلفزيون بقنواته الأرضية والفضائية.. عشنا معا يوميا أمام الشاشة الصغيرة لمتابعة كم الأعمال الكثيرة التى عرضت فى هذا الشهر الكريم ولا أخفى أن هناك أعمال جيدة وقيمة وجادة وهناك مخرجين يمتلكون أدواتهم ويستطيعون جذب المشاهد وتعريفه على أحدث الأساليب والتكنيكات الدرامية فى العالم بأسلوب شيق وسلس لا يكثر المؤلف لعين المشاهد وهذه المعادلة غاية فى الصعوبة ولم يستطيع الكثير من المخرجين تحقيقها ، وفى الغالب يقع المخرج فى فخ رغبتهم فى تقديم الأشكال الحديثة للدراما ويقومون بإغراق العمل بكل ما هو حديث ومتطور حتى يستشعر المشاهد أنه فى مواجهة عالم غريب لا يستطيع التكيف معه أو تقبله وغالبا ما تحظى هذه النوعية من الأعمال بإعجاب النقاد واستنكار المشاهدين ولكن المخرج محمد سامى فى هذا العام قدم لنا جرعة إبداعية، ومتعة بصرية، تضعه في مكانة مختلفة،يستحق إشادات النقاد والجماهير معا فالعمل الذى قدمه هذا العام من خلال مسلسل جعفر العمدة لـلفنان محمد رمضان الذى قدم دورا متميزا  ، ويرجع هذا التميز لصعوبة الدور لأنه يستعرض حياة ابن حى السيدة زينب بكل الصعوبات والتناقضات التى يجب أن يجدها من فى هذا العمل وان كان المخرج قدم الشخصية والعمل بشكل لايرتبط بالواقع الحقيقى لابن البلد الذى عرفنا وعشنا معه فى روائع الكاتب أسامة أنور عكاشة مثل ليالى الحلمية أو ارابيسك او الراية البيضاء وغيرها من الأعمال التى رسمت ملامح ابن البلد الأصيل بعكس ما قدمه المخرج محمد سامى بشخصية غير واقعية لابن البلد وقدم محمد رمضان مشاعر فى غاية الصعوبة والتعقيد فى سلاسة ومصداقية كبيرة فهو الأب الذى يفقد ابنه ويعيش إلى جواره طوال الوقت وهو لا يعرف تحت ضغط كبير ولكن يجب أن يظل متماسك بهدوئه وسلامة تفكيره وهو فى ذات الوقت رب العمل الذى يدير كل من يعمل معه ويجب أن يكون صارما طوال الوقت وبالرغم من ذلك لا يفقد أبدا الصلة الإنسانية التى تجمعه بأهل الحى ، شخصية غنية وغاية فى التعقيد ،ولكن محمد رمضان استطاع تقديمها بمهارة شديدة حتى المشاهدة طوال الوقت لم يشعر أنه أمام شخصية فى مسلسل ولكن أمام شخصية حقيقية من دم ولحم ، هذا نوع من الأدوار لا يستطيع تقديمه سوى من يملك الموهبة والخبرة فقط ، فلا يمكن أن نتخيل أن أى ممثل آخر مكان محمد رمضان .

أما هالة صدقى فى نفس المسلسل فقد قدمت دورا جديدًا عليها تماما بالرغم من أنها قامت بتقديم دور الأم في أكثر من عمل إلا أن هذا العام وفى هذا العمل وجدنا وجها جديدًا لـ هالة صدقى ، فهى مفاجأة العمل وبحق فأنت بالكاد تدرك انها هالة صدقى حيث انها ذابت فى الشخصية التى تقدمها بمهارة وبراعة وملابس ونبرة صوتها حتى فى حركات جسدها وطريقة القائها للحوار كل ذلك كان بمثابة مقطوعة موسيقية فى غاية الجمال ، كما قدمت دور رائع فى مسلسل سره الباتع خاصة فى المشهد الذى  تودع ابنها بكلمات صادقة بها حب وحنان ومشاعر صادقة ثم تموت الى جواره

أما فاكهة أعمال هذا العام فهى الفنانة منى زكى فى مسلسل تحت الوصاية فقدمت شخصية غاية فى الإنسانية فى نفس الوقت تناقش قضية من أهم القضايا وهكذا كانت صاحبة البصمة المؤثرة التي لا يمكن أن يحل محله احد سواها طريقة الإلقاء.

 

أما المخرج أحمد سمير فرج فى مسلسل المداح الذى يعتمد فى الأساس على كسر الحائط الرابع وان يكون هناك أسلوب سرد مباشر وتخاطب مع المشاهدين وهو شكل حديث عرض فى كثير من الأعمال ولكن لم يحظى باستحسان الجمهور ، لأنه يشعر بالغربة عن العمل حينما تكسر له عالم الدراما الذى يحيا فيه ، ولكن ذكاء فرج ظهر فى تجسيد الشخصيات واستخدام ديكورات قديمة وتفاصيل توحي بالكلاسيكية ولا تخلو من الغرائبية فى ذات الوقت والدمج بين الحداثة والكلاسيكية مما جعل العمل تجذب عين المشاهد ويشعره بالألفي وهذا يؤكد أننا حيال مخرج موهوب ، اختياره، الذي حالفه التوفيق للفنانة رانيا فريد شوقى بمرحلتها المناسبة عُمرياً، وقدرتها على تغيير طبقتها الصوتية، وتوحدها مع الشخصية، وكأنها تستشعرها على أرض الواقع.

أما حماده هلال ففى كل عام ومن عمل درامى لآخر يجعلنا لا نملك سوى أن نصفق إعجابا بهذا الأداء الذى يناقش مواضيع غاية فى الجدال بأسلوب سلس ويقدم أعقد الشخصيات بشكل محبب لقلوب الجماهير فشخصية المداح المعالج للسحر والشعوذة بالقران  والذى قدمها على مدار ثلاث سنوات ، فهى شخصية غاية في التعقيد ، ففي جملة يجعلك تتأثر من الحزن وترى هذا الموقف العبثي والموقف الصعب الذى يعيش فيه هذا البطل ، هكذا عودنا حماده هلال على خوض الكثير من المغامرات الفنية واستطاع انتزاع إعجاب الجمهور.

أما المخرج المبدع خالد يوسف دائما ما يعيد إلى الأذهان أعمال الكتاب العمالقة فى قالب مصرى خالص فقد أعاد إلى الأذهان رائعة يوسف ادريس " سره الباتع " فى مسلسل يحمل نفس الاسم فى قالب رائع والعمل على إثارة ذهن المتفرج عن طريق فصله من الحين للآخر عن الاندماج فى الأحداث وهذا من أجل استثارة التفكير الناقد لدى المشاهد .

بصفة عامة عشنا عبر الشاشة الصغيرة متعة المشاهدة هذا العام العمال قيمة بها تمثيل حقيقي من فنانين برعوا فى اعمال  لها قيمتها مثل الكتيبة 101 والهرشة السابعة وغيرها من الأعمال المتميزة.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية