تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
صحافة «أكسيوس»
منذ بداية العدوان الإسرائيلى على غزة ولبنان واسم «أكسيوس Axios» يتردد فى جميع وسائل الإعلام العالمية والإقليمية والمحلية، فهو مصدر رئيسى لمعظم الأخبار الحصرية المتعلقة بتطورات الأحداث، خاصة المستقاة من مصادر أمريكية وإسرائيلية، واكتسب مصداقية كبيرة بسبب انفراداته الصحيحة التى أعادت الاعتبار لمفهوم السبق الصحفى.
والحقيقة أن منصة «أكسيوس» الإخبارية الأمريكية هى تجربة إعلامية مهمة تستحق الدراسة والمتابعة للاستفادة منها، فى ظل الفقر الإخبارى الذى تعانيه بعض الصحف والمواقع العربية واختفاء السبق الصحفى،
فنحن أمام منصة وموقع إلكترونى لم يتعد عمره سبع سنوات يديره ثلاثة صحفيين، لا ينشر مقالات رأى نهائيا، لا يعترف بموضة البث المباشر التى غرقت فيها بعض المواقع المصرية ولا يستخدمها،
ورغم ذلك فرض نفسه على جميع وسائل الإعلام العالمية والمحلية بانفراداته الصحفية ومصداقيته الكبيرة، فكيف وصل موقع إلكترونى حديث التأسيس نسبيا إلى هذا المستوى؟
تصنف منصة «أكسيوس» كمثال للصحافة الريادية، والمقصود بالصحفيين الرياديين هم الذين أسسوا وسائل إعلام خاصة بهم وينتجون صحافة بطرق جديدة ويقدمون قيمًا ثقافية واجتماعية جديدة فى مجال الصحافة بأساليب مختلفة، يحيون الإمكانات الكامنة فيها ويفتحون مسارات جديدة لتطورها،
فقد تأسست أكسيوس كمنصة إخبارية أمريكية عام 2016 على يد ثلاثة صحفيين هم جيم فانديهى، مايك ألين، وروى شوارتز، الذين كانوا يعملون سابقًا فى منصة بوليتيكو، وتم إطلاق المنصة رسميًا فى يناير 2017، بهدف تقديم الأخبار بطرق أكثر فعالية ووضوحًا تلبى احتياجات القراء فى عصر المعلومات المتسارعة، من خلال محتوى مختصر ومباشر.
وفى أغسطس 2022، استحوذت شركة كبرى على أكسيوس مقابل 525 مليون دولار، مع خطط لتوسيع تغطية المنصة لتشمل مدنًا ومواضيع جديدة، مع استمرار الصحفيين الثلاثة فى إداراتها،
وتتميز أكسيوس بتقديم موضوعات خبرية قصيرة ومباشرة، معظمها لا يتجاوز 300 كلمة، مع إبراز النقاط المهمة فى الموضوع لتسهيل القراءة السريعة، وتغطى المنصة مجموعة واسعة من الموضوعات، مثل السياسة، التكنولوجيا، الأعمال، والعلوم، وتتبع نموذجًا تحريريًا يركز على تقديم المعلومات الأساسية دون تحيز، مع وجود فصل كامل بين القسم التحريرى والإعلانى لضمان استقلالية المحتوى.
ومن أبرز الخدمات التى تقدمها المنصة تغطية إخبارية محلية عالية الجودة فى مدن أمريكية متعددة، وتركز هذه الخدمة على تزويد القراء بأخبار ومعلومات ذات صلة مباشرة بمجتمعاتهم المحلية، مع الحفاظ على أسلوب أكسيوس المميز فى تقديم المحتوى بشكل مختصر ومباشر وتشمل الخدمات المحلية: نشرات يومية تحتوى على أهم الأخبار والتطورات فى مدينتهم، مع تسليط الضوء على الأحداث والقضايا التى تهم المجتمع المحلى.
وتنظم أكسيوس ايضا فعاليات حصرية للمشتركين، مما يتيح لهم الفرصة للتفاعل مع الصحفيين ومناقشة القضايا المحلية، من خلال نظام العضوية مقابل اشتراك سنوى كمصدر تمويل يضمن استمرار تقديم المحتوى المجانى للمجتمع، وهو نفس النظام الذى تتبعه منصة الجارديان البريطانية،
ويتيح للمشتركين الحصول على مزايا إضافية، إلى جانب خدمة أخرى مدفوعة الأجر مصممة لتزويد المهنيين بأخبار وتحليلات حصرية تساعدهم فى مجالات عملهم المختلفة.
وتوفر هذه الخدمة المدفوعة أيضا تقارير حصرية، ومقابلات، وتحليلات حول التطورات السياسية، مع التركيز على ما يحدث داخل الكونجرس الأمريكى، والصفقات فى مجالات الإعلام، بما فى ذلك الاستثمار فى الأسهم الخاصة،
ويتلقى المشتركون نشرات يومية تحتوى على أخبار وتحليلات متخصصة فى مجالاتهم، مع إتاحة الوصول إلى أرشيفات النشرات والمقالات السابقة.
وتنظم المنصة سلسلة من الفعاليات المباشرة يكون حضورها بمقابل مادى تهدف إلى تقديم مناقشات حية حول القضايا الأكثر أهمية وتأثيرًا فى المجتمع، تجمع بين صناع القرار، الخبراء، والجمهور لمناقشة موضوعات متنوعة تشمل السياسة، الاقتصاد، التكنولوجيا، والصحة، مما يخلق فرصًا إضافية للإيرادات.
ولمنصة أكسيوس ذراع ترفيهية تم إطلاقها فى يناير 2024 بهدف تطوير وإنتاج محتوى واقعى مميز والتركيز على إنتاج برامج وثائقية ومسلسلات تسلط الضوء على موضوعات ذات أهمية اجتماعية وثقافية بالتعاون مع شركات إنتاج رائدة، وتسعى أكسيوس إلى تعزيز حضورها فى مجال الترفيه من خلال تقديم محتوى غير خيالى يهدف إلى تثقيف الجمهور حول القضايا المعاصرة، فى إطار التزام أكسيوس بتقديم معلومات دقيقة وموثوقة بطرق جذابة ومبتكرة.
ويبقى السؤال الأبرز كيف تحصل أكسيوس على الانفرادات التى جعلت اسمها يتردد فى كل وسائل الإعلام العالمية والمحلية، الحقيقة أن هذه المنصة تختار الصحفيين العاملين معها فى كل التخصصات بدقة شديدة لتتأكد أنهم على درجة عالية جدا من الكفاءة، إلى جانب أنها تدفع مكافآت لبعض المصادر وهو أمر قد يبدو غريبا لنا فى الصحافة العربية، باستثناء أن بعض محررى أقسام الحوادث بالصحف الخاصة منذ سنوات طويلة كانوا يمنحون مكافآت لصغار العاملين فى بعض الجهات المتعلقة بالحوادث لإبلاغهم بشكل سريع عن الجرائم التى تقع وتطورات التعامل معها، لينفرد هؤلاء بها، لكن بعض وكالات الأنباء العالمية تستخدم هذا الأسلوب منذ فترة طويلة للحصول على انفرادات صحفية وتسريبات مهمة.
فى كل الأحوال نحن بحاجة لدراسة والتعرف على هذه الأشكال الجديدة من الصحافة التى أثبتت وجودها بسرعة، والاستفادة منها فى تطوير وسائل الإعلام لدينا، بعد أن طغت المنصات الإلكترونية المتكاملة على الصحف والمواقع والفضائيات أيضا.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية