تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

رسالة إلى وزير الثقافة

ربما يكون مرجع حالة الارتياح التى سادت أوساط المثقفين بعد تعيين الدكتور أحمد هنو وزيرا للثقافة رغم أن اسمه لم يكن متداولا ضمن المرشحين، الحلم بعودة تجربة الوزير الفنان التى حققت نجاحا من قبل، فالوزير الجديد وثيق الصلة بالفنون التشكيلية منذ تخرجه فى قسم الجرافيك شعبة رسوم متحركة بكلية الفنون الجميلة جامعة حلوان حتى صار عميدا للكلية، إلى جانب نشاطه الفنى العملى فى نفس المجال الذى تفوق فيه ايضا، وعلاقاته الطيبة بالأوساط الثقافية.

والحقيقة أن وزارة الثقافة بحاجة إلى جهد كبير خاصة فى ظل الظروف التى نمر بها، والتحديات التى تواجه الهوية المصرية، خاصة أن هذه الوزارة تخاطب الوجدان المصرى مباشرة، ولا يمكن ان تنجح فى مهمتها وبعض أجهزتها تسيطر عليها البيروقراطية بدلا من الإبداع.

 

وأعتقد من خلال تصريحات الدكتور هنو عقب تولى الوزارة أنه يمتلك رؤية واضحة لتطوير العمل بالوزارة وتحقيق أهدافها، وأنه سيحقق النجاح المأمول منه ، ولذلك أطرح امامه بعض الملاحظات المهمة الخاصة بالمسرح باعتباره أبا الفنون ولدى وزارة الثقافة قطاع ضخم اشتهر باسم مسرح الدولة، ومع بداية الموسم الصيفى الحالى قدم مسرح الدولة مجموعة من العروض الجديدة، على رأسها عرض (مش روميو وجولييت) على المسرح القومى، وهو عرض متميز للغاية أدعو الدكتور أحمد هنو لمشاهدته فورا قبل أن تتسبب أى ظروف بيروقراطية فى عدم استمراره رغم النجاح الضخم الذى يحققه، كما حدث مع عروض أخرى كثيرة من قبل، وإذا كان اسم المخرج الكبير عصام السيد على أى مسرحية هو علامة الجودة والإبداع، فما بالك لو كانت الصياغة الشعرية للجميل أمين حداد الذى ورث الموهبة عن الأب الروحى لشعراء العامية فى مصر فؤاد حداد، والبطولة للعملاقين على الحجار ورانيا فريد شوقى.

(مش روميو وجولييت) هى فى الحقيقة اوبرا مصرية، تؤكد لنا ان المحبة هى الحل لمشكلات مجتمعية عديدة، من التواصل بين الأجيال إلى التعامل بين المدرسين والطلبة وحتى العلاقة بين المسلمين والأقباط، وهى فكرة تراود عصام السيد منذ عام 2014 عندما وقعت بعض الأحداث المؤسفة، وكان ولايزال مقتنعا بأن المحبة هى الحل، ويتألق من خلالها فنانون كبار على خشبة المسرح القومى منهم ميدو عادل، وعزت زين، ومطربة الأوبرا أميرة أحمد، مع موسيقى وألحان أحمد شعتوت، واستعراضات شيرين حجازى المبهرة خاصة مع مجموعة الشباب والفتيات الذين يمثلون مفاجأة العرض.

كل هذا العرض الضخم والمهم ياسيادة الوزير وغيره من المسرحيات يتم دون أى دعاية نهائيا، رغم أن الدعاية هى السبيل الوحيد لتسويق أى منتج، فما بالكم لو كان هذا المنتج عرضا مسرحيا كبيرا على المسرح القومى أعرق مسارح الدولة، كيف يعرف المواطن العادى الذى تسعى وزارة الثقافة لاجتذابه لأنشطتها أنها تقدم عروضا جماهيرية مهمة بهذه الصورة إلا من خلال الدعاية بأشكالها المختلفة،

لكن المشكلة أن وزارة المالية أصدرت تعليمات للوزارات بإلغاء بند الدعاية من ميزانيتها ترشيدا للنفقات، وهو أمر قد يكون طبيعيا بالنسبة للوزارات العادية، خاصة فى ظل الأحوال الاقتصادية التى نمر بها، لكن هناك وزارات وهيئات وأنشطة يحتاج عملها إلى الدعاية بشكل أساسى، لأن الدعاية فى هذه الحالة هى جزء من عملية الاستثمار فى المنتج المطروح، لأنها تؤدى إلى ارتفاع كبير فى الإيرادات والأرباح، وبدون الدعاية لن يتحقق هذا العائد.

ولذلك يحتاج وزير الثقافة إلى مناقشة ذلك مع وزير المالية، خاصة أن الدولة تتفهم هذا الأمر بالفعل وتسمح للهيئات التى تحتاج أنشطتها إلى دعاية بذلك، مثل مصلحة الضرائب العامة التى تتبع وزارة المالية نفسها وهيئة البريد المصرى وغيرها من الهيئات الحكومية التى تحتاج بشكل أساسى للإعلان عن الخدمات والأنشطة التى تقدمها حتى يتعرف عليها الجمهور المستهدف وترتفع حصيلتها من الإيرادات، ونفس الأمر ينطبق على مسارح الدولة والأنشطة الجماهيرية التى تقدمها، فهى تحتاج للإعلان عنها على شاشات الفضائيات وفى الطرق وعبر الصحف والمواقع، لتصل إلى الجمهور المستهدف فيقبل عليها وتحقق النجاح الاقتصادى والثقافى والتوعوى المطلوب.

لقد شاهدت الفنان سامح حسين يقف على مسرح البالون فى نهاية عرض مسرحيته (عامل قلق) كل ليلة مناشدا الجمهور أن يتولى الدعاية للمسرحية عبر صفحاتهم فى مواقع التواصل الاجتماعى، وهو أمر يتكرر ايضا فى مسرحيات أخرى، نظرا لعدم قيام وزارة الثقافة بأى دعاية لعروضها الفنية والجماهيرية، وهو مشهد لا أعتقد أنه يمكن أن يحوز إعجاب الدكتور أحمد هنو، لكن لا يوجد أى حل آخر لدى المسئولين عن هذه العروض والذين بذلوا فيها جهودا كبيرة وهم يعلمون أنها ستعرض بدون دعاية.

كما أن الشكل البدائى الذى تتم به عملية حجز التذاكر فى مسارح الدولة، سواء التابعة للبيت الفنى للمسرح أو قطاع الفنون الشعبية والاستعراضية، يحتاج إلى وقفة ايضا، ففى وزارة الثقافة لا يوجد سوى دار الأوبرا فقط التى تستخدم نظاما إلكترونيا لحجز التذاكر بسهولة ويسر، أما باقى مسارح الوزارة فعملية الحجز بها تتم بشكل ورقى بدائى للغاية، لدرجة أنه من الصعب حجز تذاكر مسبقة لحفلة خاصة بيوم آخر، لأن الضرائب ألزمت المسارح التى تعمل بهذا النظام بضرورة الالتزام بال!

والحل البديهى هو تطوير نظام الحجز لدى جميع مسارح الدولة على نفس النمط الخاص بدار الأوبرا. ولا يمكن أن ننسى ياسيادة الوزير قصور الثقافة المنتشرة فى كل محافظات مصر وتعد خط الدفاع الأول فى مواجهة التطرف، وسلاحا اساسيا فى معركة الوعى، وتحتاج إلى اهتمام خاص وتطوير كبير، اعتقد انكم ستقومون به.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية