تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
الرعاية الصحية .. والتأمين الشامل
الرعاية الصحية هى أحد الحقوق الأساسية للمواطنين وركيزة مهمة فى بناء المجتمع وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ولذلك نصت المادة 18 من الدستور على أن "كل مواطن له الحق فى الصحة وفى الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافى العادل، وتلتزم الدولة بإقامة نظام تأمين صحى شامل لجميع المصريين يغطى كل الأمراض، وينظم القانون إسهام المواطنين فى اشتراكاته أو إعفاءهم منها طبقاً لمعدلات دخولهم، ويجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان فى حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة".
وقد ترجمت الدولة هذا النص إلى مشروعات متعددة على أرض الواقع حققت طفرة غير مسبوقة فى المنظومة الصحية، كان من أبرزها مبادرة (100 مليون صحة) للقضاء على فيروس سى، والتى حصلت على إشادات دولية كثيرة بعد أن نجحت فى تحقيق أهدافها خلال وقت قصير، وكذلك المبادرات الخاصة بإنهاء قوائم الانتظار بالنسبة للتدخلات الجراحية الحرجة، وصحة الأم والجنين، وطلاب المدارس، والكشف عن الأمراض الوراثية، والرعاية الصحية لكبار السن، وغيرها من المبادرات الرئاسية المتنوعة فى مجال الرعاية الصحية، التى مازالت تعمل تحت إشراف الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان، الذى يبذل جهدا ضخما فى هذا الملف.
لكن أعتقد أن الطفرة الكبيرة فى المنظومة الصحية جاءت بتأسيس الهيئة العامة للرعاية الصحية تحت القانون رقم 2 لعام 2018 بشأن نظام التأمين الصحى الشامل كهيئة مستقلة. والهدف الرئيس للهيئة هو توفير خدمات رعاية صحية عامة عالية الجودة فى بيئة عمل احترافية وجاذبة تلبى احتياجات المرضى والقوى العاملة على حد سواء، يتم تسييرها وفقًا لمبادئ المساواة والعدالة، استنادًا إلى أحدث المعايير الدولية وأحدث التقنيات، مما يضمن فى نهاية المطاف الوصول المتساوى لجميع المصريين إلى خدمات الرعاية الصحية عالية الجودة.
ويحسب للدولة خاصة رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الصحة أنها تعاملت مع عملية اختيار المسئولين والعاملين بهذه الهيئة بعيدا عن البيروقراطية الحكومية، وبشكل يضمن اختيار كوادر قادرة على العمل بروح إبداعية تستطيع تنفيذ المهمة الكبيرة الملقاة على عاتق الهيئة، وعدد كبير منهم من خريجى البرامج الرئاسية المختلفة للتدريب والتأهيل، وعلى رأسهم رئيس الهيئة الدكتور أحمد السبكى خريج الدفعة الأولى من البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة، وخريج الدفعة الأولى من البرنامج الرئاسى لتأهيل التنفيذيين للقيادة بالأكاديمية الوطنية للتدريب، والذى عمل من قبل مساعداً لوزير الصحة لشئون الرقابة والمتابعة ومديراً لمشروع التأمين الصحى الجديد، ومشرفا على الإدارة المركزية للتفتيش والمتابعة بمكتب وزير الصحة، وهى خبرات تمكنه من قيادة أهم منظومة صحية باحترافية كبيرة.
وأتصور أن المشروع الذى يهم جموع المصريين الآن فى هذا المجال هى منظومة التأمين الصحى الشامل التى تشرف عليها هيئة الرعاية الصحية وأطلقها الرئيس السيسى عام 2019 على مستوى الجمهورية وتمثل العمود الفقرى لكل مشروعات الرعاية الصحية فى مصر، وتأتى تنفيذا مباشرا لمواد الدستور، وفقا لخطة محددة وجدول زمنى لجميع المحافظات،
وفى 16 فبراير 2021، أطلق الرئيس السيسى من مجمع الإسماعيلية الطبى بمحافظة الإسماعيلية، إشارة بدء التشغيل التجريبى لهذه المنظومة فى 3 محافظات هى الإسماعيلية والأقصر وجنوب سيناء بالمرحلة الأولى للمنظومة، ارتفعت الآن إلى 6 محافظات بانضمام أسوان، بورسعيد والسويس، بينما تم توزيع باقى المحافظات على خمس مراحل أخرى يتم تنفيذها تباعا خلال 10 سنوات بدلا من 15 عاما.
وأهمية منظومة التأمين الصحى الشامل أنها توفر حياة صحية آمنة لجميع المواطنين بلا استثناء بما فى ذلك غير القادرين ماديا على دفع رسوم الاشتراك، من خلال نظام تأمين صحى متكامل يوفر رعاية صحية شاملة بأعلى جودة، ويترك للمؤمن عليه حرية اختيار مقدمى الخدمة التى تشارك فيها مستشفيات القطاع الخاص وليس المستشفيات الحكومية فقط، وهى المنظومة الموجودة لدى دول العالم المتقدمة، وتمثل طفرة كبيرة فى النظام الصحى.
وخلال الأسبوع الماضى تابعت المؤتمر العربى الثالث والعشرين بعنوان "الأساليب الحديثة فى إدارة المستشفيات"، الذى نظمته المنظمة العربية للتنمية الإدارية التابعة لجامعة الدول العربية، ولفت الانتباه الكلمة التى القاها الدكتور أحمد السبكى، كمتحدث رئيسى فى الجلسة الرئيسية للمؤتمر، بعنوان "أهمية الذكاء الاصطناعى فى تطوير الأنظمة الطبية ومواكبة التطورات الحديثة وتعزيز مستقبل الرعاية الصحية فى العالم العربي"، وأشار فيها إلى أن النظام الصحى المصرى الحديث يعتمد بشكل أساسى على التكنولوجيا فى جميع مراحله، وأن إطلاق مشروع التأمين الصحى الشامل كان لا يمكن دون الاعتماد على التكنولوجيا لتحقيق الرعاية الصحية الشاملة فى دولة يزيد عدد سكانها على 120 مليون نسمة، مع القدرة على التغلب على التحديات الجغرافية المتنوعة، مؤكدا تبنى مفهوم الصحة الإلكترونية بشكل عام فى الهيئة العامة للرعاية الصحية، منها الذكاء الاصطناعى والخدمات الافتراضية واستخدام أجهزة المتابعة الطبية عن بُعد، وأهمية الاستثمار فى بناء خوارزميات الذكاء الاصطناعى فى الوطن العربى كجزء من مستقبل الرعاية الصحية فى العالم.
كانت هذه الكلمة كاشفة أمام العلماء والمسئولين العرب والأجانب المشاركين فى المؤتمر عن العقلية العلمية المتطورة التى تدير أهم منظومة صحية فى مصر الآن، وتستخدم أحدث النظم التكنولوجية المتقدمة، لتقدم مثالا رائدا فى الشرق الأوسط وافريقيا.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية