تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

نحو إعلام صديق للطفولة

يكتسب دليل (تصحيح المصطلحات والصور الأخطاء المتداولة حول الأطفال في وسائل الإعلام العربية)-الذى تم إطلاقه منذ أيام- أهمية كبيرة، نظرا للتجاوزات المهنية الإعلامية بحق الطفل الموجودة في كثير من وسائل الإعلام،

وهو ما دعا المجلس العربى للطفولة والتنمية برئاسة الأمير عبد العزيز بن طلال بن عبد العزيز بالتعاون والشراكة مع إدارة المرأة والأسرة والطفل بجامعة الدول العربية وبرنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند) إلى إعداد دليل استرشادي من خلال منهج علمى متكامل، يسهم في ترشيد أداء الإعلاميين وغيرهم من المهتمين بشئون الأطفال على مستوى المؤسسات الحكومية والأهلية لاستخدام المصطلحات والصور الصحيحة التي لا تترك أثرا سلبيا مباشرا على الأطفال وأسرهم،

كما تسهم في تقديم صور ذهنية إيجابية لدى المجتمع المنوط به دعمهم ومساعدتهم في الحصول على حقوقهم واندماجهم في المجتمع. وهذا الدليل حسبما يذكر الدكتور حسن البيلاوي الأمين العام للمجلس العربي للطفولة والتنمية جاء بعد دراسة علمية حول واقع الأداء الإعلامى لمعالجة قضايا الطفل العربى طبقت في ست دول عربية، وقد اتضح من المتابعة الدقيقة لوسائل الإعلام وما تقدمه من مضامين تفتقد في بعض الأحيان للمسئولية المهنية والاجتماعية، ان مفردات النظام اللغوي (اللغة الإعلامية) المستخدمة لتوصيل الرسائل الاتصالية للجمهور هي ضحية الأداء غير المهني لوسائل الإعلام، حيث يشيع استخدام مفردات اللغة الخطأ على مستوى المصطلحات والصور وغيرها من مكونات النظام اللغوى،

وتزداد هذه الظاهرة خطورة حينما يرتبط الأداء الإعلامى بالأطفال، حيث أصبح استخدام المصطلحات والصور الخطأ وغيرها من عناصر الصور الإعلامية في معالجة قضايا وشئون الأطفال ظاهرة يومية في أداء وسائل الإعلام العربية عموما، وترتب على ذلك نتائج سلبية ترتبط بالصور السلبية التي يقدمها الإعلام عن الأطفال، بما يعوق اندماجهم في المجتمع. وزاد حجم التأثير السلبي لظاهرة انتشار المصطلحات والصور الخطأ حول الأطفال بوسائل الإعلام في ظل انتشار مواقع التواصل الاجتماعي واستخدامها على نطاق واسع بين فئات الجمهور بشكل عام والأطفال بشكل خاص، حيث تعيد مواقع التواصل الاجتماعى عرض المضامين الإعلامية المقدمة من خلال البرامج التليفزيونية والإعلانات والدراما والصحف، وهو ما أدى إلى مضاعفة نسبة متابعتها وزيادة حجم تأثيرها، خاصة أن هذه المضامين أصبحت متاحة للجمهور لمشاهدتها والإطلاع عليها في أي وقت.

ويلاحظ المتتبع لتغطية شئون الأطفال بوسائل الإعلام العربية التقليدية والرقمية شيوع تداول العديد من المصطلحات الخطأ بوسائل الإعلام العربية التي تعكس تطورات سلبية على حياة الأطفال وتلك المصطلحات لا يجوز استخدامها مهنيا في التغطية الإعلامية لشئون وقضايا الطفل، حيث تترك تأثيراتها السلبية اجتماعيا ونفسيا على صورة الطفل لدى الرأي العام بكل خصائصه الديموجرافية والاقتصادية والاجتماعية بشكل ملحوظ، وتأتي استجابة الرأي العام في التعامل مع الأطفال في شئون الحياة المختلفة، متأثرة بهذه المصطلحات، بل يتم ترديد هذه المصطلحات على لسان فئات كثيرة من المجتمع، دون إدراك مخاطر تأثيراتها في تثبيت صورة نمطية سلبية عن الأطفال، تنعكس سلبيا على اندماجهم في المجتمع، بل تؤدى في بعض الأحيان إلى انسحابهم من المجتمع، وعدم القدرة على التكيف مع الواقع، مما قد يدفع بهذه الفئة من الأطفال إلى عدم وجود بدائل سوى استمرار انجذابهم للفئات التي تستغلهم وعدم فتح الباب إلى إعادة كسبهم مرة أخرى إلى المجتمع.

ويتصل أيضا بتداول المصطلحات الخطأ على نطاق واسع بوسائل الإعلام العربية التقليدية والرقمية الاستخدام المفرط للصور والفيديوهات التي تتجاوز الأعراف والقواعد والمبادئ المهنية التي تحكم تناول الإعلام قضايا الأطفال، وتنتشر على نطاق واسع خاصة في وسائل الإعلام العربية الجديدة، سعيا من بعض المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي لجذب وإثارة الرأي العام، دون اهتمام بالحفاظ على هوية الأطفال بالإضافة إلى عدم الاجتهاد في استخدام الأساليب الفنية المختلفة التي تمكن الإعلامى من تغطية الأحداث الخاصة بالأطفال مع الحفاظ على خصوصيتهم وهويتهم. وتؤدى كل هذه التجاوزات المهنية إلى تقديم صور إعلامية نمطية عن الأطفال تتسبب في تشكيل صورة ذهنية ومعان سلبية تتراكم لدى الجمهور العام عن الأطفال، بما يعوق حصول الأطفال على حقوقهم، ويجعل من الصعب عليهم الاندماج في المجتمع والتكيف معه، كما تتطلب بعض فئات الأطفال ذات الوضعية الخاصة بالنسبة لحالاتهم النفسية والجسدية والاجتماعية توصيفا علميا دقيقا لا يعتمد على المصطلحات والصور الخطأ التي تسبب ضررا وألما نفسيا لهؤلاء الأطفال وأسرهم، قد تؤدى إلى عدائهم للمجتمع الذى يمارس العنف تجاههم.

وعلى مدى سنوات قام فريق بحثى برئاسة الدكتور عادل عبد الغفار أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة والمستشار الإعلامى لوزارة التعليم العالى بجهد كبير في إعداد المادة العلمية للدليل ووثيقة المبادئ المهنية لمعالجة الإعلام العربي قضايا حقوق الطفل، وهى الوثيقة التي اعتمدها مجلس وزراء الإعلام العرب ومجلس وزراء الشئون الاجتماعية العربية، وأعلنت كبرى المؤسسات الإعلامية العربية ــ وفى مقدمتها مؤسسة الأهرام ــ التزامها بها تحت شعار (إعلام صديق للطفولة). وبعد أن تم رسميا إطلاق (دليل تصحيح المصطلحات والصور الخطأ المتداولة حول الأطفال في وسائل الإعلام العربية) فإن الكرة الآن في ملعب المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، باعتبارها أكبر الجهات المشرفة على إنتاج المحتوى الإعلامي في مصر، للاستفادة من هذا الدليل العلمى الشامل وصولا إلى إعلام صديق للطفولة يدعم منظومة قيمية ــ نحن في أشد الحاجة إليها ــ بعيدا عن الإثارة والإساءة وعدم الموضوعية التي نعانيها في وسائل التواصل الاجتماعي.

 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية