تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > فتحى محمود > أزمة النظام الإقليمى العربى

أزمة النظام الإقليمى العربى

تعقد القمة العربية الرابعة والثلاثون اجتماعاتها فى بغداد يوم 17 مايو الحالى، فى ظل ظروف إقليمية معقدة، وأزمة كبيرة تواجه النظام الإقليمىالعربى، الذى يبدو عاجزا عن مواجهة العربدة الإسرائيلية التى وسعت من نطاق عدوانها على الأراضى العربية ليشمل غزة والضفة الغربية وسوريا ولبنان واليمن، وقد لا تتوقف عن ذلك، وبالتأكيد ستكون القضية الفلسطينية محورية فى النقاشات، مع التركيز على تطورات الوضع فى قطاع غزة وجنوب لبنان وسوريا، ودعم حل الدولتين، ورفض التهجير القسرى للفلسطينيين، وتعزيز دور السلطة الفلسطينية، وخطة إعادة إعمار غزة التى أقرتها القمة العربية الطارئة فى القاهرة.

إلى جانب بحث الأزمات الإقليمية التى تعانيها عدة دول عربية مثل الوضع السياسى والأمنى فى سوريا خاصة بعد دعوة الرئيس السورى للحضور، بهدف توضيح رؤية سوريا الجديدة، علاوة على الأزمة المستمرة فى اليمن وسبل تحقيق الاستقرار، والتحديات السياسية والأمنية فى ليبيا، ومعالجة تداعيات الحرب الأهلية فى السودان وانعكاساتها على الأمن الإقليمى، وسبل تعزيز التعاون بين الدول العربية فى مواجهة التحديات الإقليمية، مع التركيز على تعزيز العمل العربى المشترك لتحقيق الاستقرار والتنمية، ومناقشة قضايا الأمن الإقليمى، بما فى ذلك مواجهة التهديدات الأمنية مثل تأثير الميليشيات على الدولة الوطنية، مع التركيز على التنسيق الدولى والخطط الأمنية لضمان استقرار المنطقة. ليست العربدة الإسرائيلية فقط هى الأزمة التى يعانيها النظام الإقليمى العربى، لكنه يواجه تحديات معقدة تهدد استقراره وتطوره، منها النزاعات الداخلية التى تؤدى إلى عدم استقرار الأوضاع فى سوريا واليمن وليبيا، وتباين الرؤى بين الدول العربية حول بعض الأزمات مما يضعف التماسك الإقليمى، وتأثير القوى الدولية مثل الولايات المتحدة، روسيا، الصين، والإقليمية مثل إيران وتركيا وإسرائيل على الأوضاع العربية بشكل يعقد ديناميكيات النظام العربى، حيث تسعى هذه القوى لتعزيز مصالحها على حساب العرب، مع ضعف التكامل الإقليمى وغياب التعاون الفعال داخل جامعة الدول العربية، والخلافات حول القضايا المشتركة مثل القضية الفلسطينية، وهو ما يعيق بناء نظام إقليمى قوى.

ويمكن أن نضيف إلى ذلك الأزمات الاقتصادية مثل ارتفاع معدلات البطالة، التضخم، الديون الخارجية، والاعتماد على الريع النفطى فى بعض الدول مما يحد من قدرة الدول العربية على تحقيق تنمية مستدامة، وارتفاع نسب الشباب دون توفير فرص عمل كافية، والهجرة الداخلية والخارجية تضغط على الموارد والبنية التحتية، واستمرار تهديد الجماعات المتطرفة بشكل يعزز الانقسامات الطائفية والمذهبية، وتأثيرات التغيرات المناخية التى تهدد الأمن الغذائى والمائى فى المنطقة، خاصة فى دول مثل العراق والأردن.

إن عجز النظام الإقليمى العربى عن مواجهة توسع الاعتداءات الإسرائيلية على الدول العربية، يعكس عدم وجود إرادة سياسية عربية موحدة حول آليات مواجهة هذا التوسع، مع مراعاة الواقع السياسى والعسكرى المعقد فى المنطقة، وهو أمر يمكن أن يتم عبر إحياء دور جامعة الدول العربية بحيث تكون منصة لتوحيد المواقف العربية ضد الاعتداءات الإسرائيلية، ووضع خطة مشتركة لتحركات دبلوماسية، وتشكيل تحالف إقليمى من الدول العربية ذات الثقل السياسى والعسكرى مثل مصر، الأردن، السعودية، الإمارات، وقطر يمكن أن تقود تحالفا لدعم سوريا ولبنان وفلسطين، مع ضمان عدم تحويل الصراع إلى نزاعات إقليمية أخرى، والاستمرار فى تقديم شكاوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولى ضد الانتهاكات الإسرائيلية، مع التركيز على خرق القانون الدولى وسيادة الدول، ودعم الدعاوى القضائية فى محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية ضد إسرائيل بتهم ارتكاب جرائم حرب، خاصة فى غزة والضفة الغربية، واستغلال العلاقات الاقتصادية والسياسية العربية مع واشنطن للضغط من أجل تقليص الدعم غير المشروط لإسرائيل، وبناء تحالفات مع دول مثل الصين وروسيا والاتحاد الأوروبى لموازنة النفوذ الأمريكي.

كما أن حملات المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل قد أثبتت فاعليتها، ولابد من استخدام هذا السلاح على المستوى العربى والدولى للضغط على الاقتصاد الإسرائيلى والجهات الداعمة له، علاوة على تطوير حملات إعلامية موحدة توثق الانتهاكات الإسرائيلية وتكشف أهدافها التوسعية، مع استهداف الرأى العام الغربى لتغيير الصورة النمطية عن إسرائيل التى بدأت تتغير فعلا، لكن المشكلة الحقيقية هى غياب الإرادة السياسية العربية الموحدة، مع تزايد دعم ترامب والإدارة الأمريكية لإسرائيل، وضعف قدرة المؤسسات العربية على المواجهة.

لن يستطيع النظام الإقليمى العربى تجاوز أزماته إلا بتطوير الجامعة العربية وتمكينها من القيام بدورها بفعالية، من خلال تشجيع التنسيق بين الدول الأعضاء لتوحيد المواقف حيال القضايا الإقليمية والدولية، مع وضع آليات لتسوية الخلافات الداخلية، وإصلاح الهيكلية التنظيمية للجامعة لزيادة الكفاءة، وتعزيز دور الأمانة العامة، وزيادة تأثير الجامعة فى المنظمات الدولية، ودعم القضايا العربية مثل القضية الفلسطينية باستراتيجيات دبلوماسية فعالة، وتفعيل السوق العربية المشتركة ودعم المشاريع الاقتصادية المشتركة لتحقيق التكامل الاقتصادى، مع التركيز على الاستثمار فى التكنولوجيا والابتكار، وفتح قنوات تواصل مع المجتمع المدنى العربى، وإشراك القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية فى صياغة السياسات. لكن تحقيق هذه الخطوات يتطلب إرادة سياسية قوية، وتفعيل دور الجامعة كمنصة للحوار والتعاون، مع التركيز على مصالح الشعوب العربية، وبدون حدوث تقدم ملموس تجاه وجود إرادة سياسية موحدة لمواجهة أزمات المنطقة والتعامل معها بشكل جماعى يعلى المصالح القومية على المصالح القطرية الضيقة، قد تصبح القمة العربية مجرد حدث شكلى، يعكس أزمة النظام الإقليمى العربى فى ظل عالم متغير.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية