تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
عبقرية الإعلام الوطني.. بخطة الخداع الإستراتيجي أكتوبر ٧٣
بدون شك أن حرب السادس من أكتوبر٧٣ تعد من أعظم إنتصارات العسكرية المصرية ،عبقرية في التخطيط والتمويه والتعتيم والخداع العسكري والإعلامي الإستراتيجي ،لتحقيق عنصر المباغتة والمفاجأة بالحرب، لعب فيها الإعلام المصري دورا وطنياً مسؤلا ذكيا وبحرفية وتخطيط
فكان أحد أدوات خطة التمويه والتعتيم الاعلامي ،مما حال دون تمكين أعتى أجهزة الإستخبارات العالمية والأمريكية والإسرائيلية من إستقراء معلومة أو مضمون يشير إلي إستعدادات عسكرية أو إعلامية لشن حرب لتحرير الأرض المحتلة ،بل عمل الإعلام علي نشر معلومات تفيد بأن مصر وجيشها وقيادتها السياسية في غاية الضعف ، لهذا أذهل الرئيس الأمريكي نيكسون الذي قال حينها أنه شعر بخيبة الأمل لفشل أجهزته الإستخباراتية ،ووزير خارجيته هنري كيسنجر الذي أعاد الإعتراف بحديثه الأخير منذ أيام قلائل لصحيفة معاريف الإسرائيلية بمناسبة مرور خمسين عاما على حرب اكتوبر ٧٣ ،بأن أمريكا دخلت الحرب إلي جانب إسرائيل بعد توسل جولدا مائير لإنقاذ الدولة العبرية وحتي لاينتصر العرب والسلاح الروسي وإنقاذا لسمعة السلاح الأمريكي بالمنطقة ،وبإعترافات قادة جيش الدفاع والاستخبارت الإسرائيلية بأن المفاجأة كانت معجزة.
وهذا ما أكد عبقرية خطة د.محمد عبد القادر حاتم وزير الإعلام ورئيس مجلس الوزراءحينها -المتميز بخلفيته العسكرية- في إعداد الدولة المصرية إعلاميا للحرب في مراحلها الثلاث قبل الحرب وأثنائها وبعد الحرب ،مستفيدا من كل دروس نكبة ٦٧.
وقد نجح الإعلام الوطني بإقتدار في التمويه والتعتيم علي مايدور من تسليح وتدريب وإستعدادات ومناورات عسكرية قتالية هجومية تتماثل تماما مع عملية العبور الحقيقية ،من إقتحام للساتر الترابي وحصون خط بارليف ،بعبقرية د. حاتم الفريدة من نوعها - كما جاء بحديث للواء د.سمير فرج - في إنشائه لقناة إعلامية ناطقة بالعبرية موجهة للمجتمع الإسرائيلي، عملت علي إذاعه أخبارا وتحليلات عن حجم وقدرات وتسليح وتفوق الجيش الإسرائيلي مقارنة بالجيش المصري ومعلومات تؤكد بأن العرب متفرقين وغير قادرين علي العمل الجماعي ،وكذا الإيحاء بأن التحركات العسكرية المصرية والمناورات ماهي إلا لتهدئة وإمتصاص غضب الشارع المصري المحتقن ومظاهرات طلبة الجامعات الثائرين ضد الرئيس السادات ، بسبب حالة أللا سلم وأللا حرب ،ونشر تصريحات لحزب اليسار المصري وإحباطاته وعدم ثقته في قدرة الرئيس السادات علي إتخاذه لقرار الحرب وتردده لعدة مرات في إعلان الحرب عام ٧١ ثم في عام ٧٢ وهو ماعرف بعام الحسم الذي كان مثارا للنكت والتهكم علي شخص الرئيس السادات،بل ونشر المقارنات الدائمة بينه وبين شجاعة وقوة الرئيس عبد الناصر لتصدير رسالة مفادها ضعف وعدم قدرة وشجاعة الرئيس السادات لإتخاذ قرار الحرب - وهو مايؤكد بأن الرئيس السادات نفسه كان مشاركا في خطة الخداع والتمويه الإستراتيجي كما شاهدناه في حواره مع عائلته بفيلم أيام السادات - من أجل تصدير صورة ذهنية ومعلومات للدولة العبرية عن حالة الإحباط والضعف السياسي للدولة المصرية ،والذي لايمكنها من القيام بالحرب ،
وعلي الجانب الآخر كان الإعلام الوطني يذيع أخبارا لزيارات الفنانين ورجال الأزهر للجنود علي الجبهه، وإذاعة تحليلات عسكرية بإعلامنا الوطني عن بطولات وبسالة قواتنا في معركة رأس العش وتدمير قواتنا البحرية للمدمرة إيلات عام ٦٧ ،لبث الثقة في نفوس المصريين وقواتهم المسلحة.
وكما كان إعلامنا الوطني واعيا صادقا وعبقريا أثناء تغطيته لسير العمليات القتالية ،من خلال إذاعته للبيانات العسكرية الدقيقة لمراسلينا العسكريين الحربيين من علي خطوط الجبهه وكان منهم (أ.حمدي الكنيسي وأ.جمال الغيطاني) اللذان أتذكرهما جيدا عندما كنت أجلس وأنا صغيرة إلي جوار والدي ،لأستمع معه للراديو وللأخبار ولأغاني وردة وأنا علي الربابة بغني وأقول تحيا مصر وأنشودة الله أكبر بسم الله بسم الله أدينا عدينا باسم الله بإسم الله والفنانة شريفه فاضل التي قطعت قلوبنا بأغنيتها أنا أم البطل وعاش اللي قال عدوا القنال للرائع عبد الحليم حافظ.
وكما كانت التغطية المصورة للصحافة المصرية والتليفزيون لرفع العلم المصري علي الجبهة الشرقية لقناة السويس وعلي الساتر الترابي وحصون خط بارليف ،التي أجبرت وكالات الانباء العالمية علي إحترامنا والنقل عن إعلامنا وعن تصريحات وزير الإعلام د.حاتم الذي قدم معلومات صادقة عن معركة الدبابات وقد كانت ضربة المعلم الإعلامية الحقيقية له ، عندما سمح بزيارة ميدانية لبعض المراسلين الأجانب من وكالة رويترز لحضور وتصوير إستسلام أحد المواقع العسكرية الإسرائيلية ببور توفيق وتصويرهم للضابط المصري ذغلول فتحي وهو يتسلم الموقع من الضابط الإسرائيلي المستسلم،والتي إنتشرت حينها بكل الصحافة والإعلام العالمي مستفيدين من دروس مؤتمر الحسنه الإسرائيلي عام ٦٨ الذي عقدته إسرائيل بحضور مشايخ وعواقل سيناء ودعوتها لوكالات الأنباء العالمية لإعلان إستقلال سيناء عن مصر ،والذي أدارته مصر مخابراتيا عن بعد وبدهاء وذكاء مع الشيخ سالم الهرش ومشايخ قبائل سيناء المخلصين الوطنيين ،لإفشاله وكشف نوايا إسرائيل الخبيثة، ونذيقهم من نفس الكأس وبنفس الأسلوب.
كما كان لمشهد ظهور الأسري الإسرائيليين علي التليفزيون المصري عظيم الأثر والقوة في نفوسنا وخفضا عظيما للروح المعنوية للقيادة والشعب الإسرائيلي ،إضافة لمشهد إعادتهم لإسرائيل بالبيجامات كستور المحلة كعلامة مسجلة لن ينسوها مدي الحياة والتاريخ.
وأختتم حديثي بقولي ما أحوجنا اليوم لإعلام وطني مستنير كإعلام حرب أكتوبر قادرا ومسؤلا عن صناعة وعي وطني مستنير وقوي في مواجهة تضليل وتزييف وحشد قنوات الإعلام الموجه والمرتزقة لإسقاط وعي المصريين من جديد .
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية