تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
بين السادات وإحسان
دخلت يوما على كاتبنا الكبير إحسان عبد القدوس فى مكتبه فى الأهرام.. كان صامتا حزينا قلت: ماذا هناك؟ قال: السادات اعتقل محمد ابني.. كانت أحداث سبتمبر قد جمعت فى السجون كل أطياف المعارضة فى مصر الشباب والكبار والكتاب والسياسيين وأصحاب الفكر والمسلمين والأقباط.. قال إحسان: اتصل بى أنور السادات وهو صديق قديم وقال: أنا اعتقلت ابنك محمد يا إحسان قلت له: يا سيادة الرئيس محمد شاب يمارس حقه فى الرفض والتعبير عن أفكاره.. رغم أنه يختلف معى فى مواقفه وقناعاته لم أعترض على ذلك لأن هذا حقه فى الاختلاف.. قال السادات: أفكاره غلط ولا بد من ترشيده وهذه مسئوليتك قلت: وماذا تقول عن مواقفك وكنت معارضا هل منعك أحد قال السادات: سوف أفرج عنه فوراً بشرط أن تضمنه وتمنعه من الاقتراب من قوى المعارضة.. قلت: لا أملك ذلك ليس من حقى أو واجبى أن أمنعه من أن يعبر عن رأيه سيادة الرئيس.. أنت سجنت وأنا اعتقلت من أجل أفكارنا ومواقفنا ودفعنا الثمن ومن حق الجيل الجديد أن يعبر عن رأيه، فقال السادات: لن أفرج عنه.. وبقى محمد عبدالقدوس فى السجن ولم يقبل إحسان أن يسلب حق ابنه فى حريته.. سمعت هذه الحكاية من الأستاذ إحسان ورغم حزنه وصداقته مع أنور السادات واختلافه مع أفكار ابنه، فإنه دافع عنه لآخر لحظة.. هذه أجيال كانت تقدر معنى الحرية والكلمة حتى لو دفعت الثمن.. ولهذا عرفت مصر كيف يكون الحوار والمواقف وكلمة الحق ضد زمان جائر.. كان إحسان صادقا حين ترك عقل ابنه يحلق فى سماء أحبها وكان ابنه الشاب الصغير مؤمنا بفكره وكانت مصر قادرة على أن تمارس حقها فى الحرية والكرامة.. حدث هذا رغم الصداقة التى ربطت بين السادات وإحسان على مستوى الأسرة وبقى محمد فى السجن حتى تم الإفراج عن جميع المساجين.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية