فى حياة الإنسان لحظات لا ينساها وتبقى مصدر إلهام كل سنوات عمره وكلما تقدم به الزمن كانت رصيد أيامه الذى لا يغيب.. كنا نودع سنوات الدراسة فى جامعة القاهرة وكانت أحلامنا أكبر من سنوات عمرنا كان الزعيم جمال عبد الناصر قد رسم أحلامنا حلما وعملا ومستقبلا وذات ليلة وجدنا الحلم يسقط على رءوسنا وصانع الحلم يتنحى على الشاشات يومها خرجنا نرفض الهزيمة وندافع عن أحلامنا.. يوم أن تخرجت من الجامعة لم أكن أعرف لنفسى طريقا كان الحظ رحيما معى يوم أن وجدت نفسى فى الأهرام العريق وبدأت مسيرة الحياة وأنا أحمل أطلال حلمي.. مرت سنوات خاصمنى الشعر فيها حتى نسيته ونسيني.. ذات يوم نزلت من الأهرام مع أحد الأصدقاء نتمشى فى شارع طلعت حرب حين انطلقت الهتافات حولنا الله اكبر قواتنا عبرت وجنود مصر الآن فى سيناء.. لم أصدق حتى عدت للأهرام وتأكدت من الخبر فى صالة التحرير كان الأستاذ هيكل يرسم ماكيت الأهرام كيف عبر جيش مصر.. عاد الشعر بعد غياب طال يرفرف فوق أيامى وكتبت أكثر من قصيدة قدمها كاتبنا الكبير توفيق الحكيم فى أول دواوينى «أوراق من حديقة أكتوبر» وأهدانى رسوم الديوان فنان مصر الكبير بيكار.. وحين أرسلت نسخة من الديوان إلى قائد ملحمة أكتوبر أنور السادات رد على برسالة رقيقة كانت تعبيرا عن اعتزازه بهذا النصر الكبير.. وكان ديوان «أوراق من حديقة أكتوبر» ميلاد شاعر.. وقلت هناك أحداث فى حياة الإنسان أكبر من النسيان لأنها تبقى تزين سنوات العمر ويمكن أن تكون حكاية شعب فى لحظة انتصار.. وفى احتفال النصر غنت ياسمين الخيام من ألحان محمود الشريف قصيدتى عشقناك يا مصر وما زالت تتردد فى مدارسنا حتى الآن.

حملناكِ يا مصرُ بينَ الحنايا

وبينَ الضلوع وفوقَ الجبينْ

عشقناكِ صدرًا رعانا بدفءٍ

وإن طال فينا زمانُ الحنينْ

فلا تحزنى من زمان جَحُودٍ

أذقناكِ فى همومَ السنينْ

سيبقى شبابُك رغم الليالى

ضياءً يشعُّ على العالمينْ