تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
التهجير .. إلى الآخرة
مائة وخمسون دولة قالت: «نعم» لفلسطين، نعم ل حل الدولتين ، نعم للشرعية الدولية، ومن بين هذه الدول أربع دول عظمى تمتلك حق الفيتو.
ورغم ذلك ظلت — وستظل — تلك الاعترافات، رغم مدلولها السياسي، حبرًا على ورق؛ وستبقى أمريكا هي المهيمنة والمتحكمة بمفتاح هذه القضية الشائكة.
فلا يمكن للعالم أجمع، حتى لو اعترفت مائة وواحد وتسعون دولة بالدولة الفلسطينية الموقوفة، وستظل هكذا ما لم تعترف بها أمريكا.
ولو اتحد كل العالم في كفة و أمريكا في الكفة الأخرى، فالغلبة ل أمريكا بلا منازع.
فلما لا؟ و العالم اكتفى بالشجب والتنديد على مدار سبعة وسبعين عامًا — هي عمر القضية الفلسطينية — ويرى بأم عينه عشرات القرارات الأممية ملقاة تحت أقدام الصلف الصهيوني.
إذن، وماذا بعد؟
أعتقد أن العالم أجمع شعوبا وحكومات استنفد كل الطرق السلمية والقانونية لإثناء أمريكا وشيطانها المدلل عن المضي قدماً في قتل وتشريد آلاف المواطنيين الفلسطينيين: أطفالًا ونساءً وشيوخًا، بلا رحمة وبلا إنسانية، مستخدمةً أعتى الأسلحة والعتاد الحربي.
ولم تكتفِ بآلات الحرب وما خلفته من دمار شامل في قطاع غزة و رفح وغيرها من المدن والمخيمات الفلسطينية، بل استخدمت أشدّ الأسلحة ضراوةً: سلاح التعطيش والتجويع والإذلال لشعب أعزل محروم من أبسط مفردات الحياة.
أيها العالم، أيتها الشعوب المتعطشة للسلام، فلتعلموا حقيقة واحدة: إسرائيل هي الولاية الواحدة والخمسون من ولايات أمريكا، بل قد تكون الولاية الأهمُّ حتى من واشنطن نفسها.
والشاهد على ذلك الصراع القائم بالفعل؛ فالننظر أين تقف الحكومات الأمريكية المتعاقبة من أرض القضية؟ الحكومات الصهيونية ليست سوى عرائس «ماريونيت» تحركها الإدارات الأمريكية كيفما تشاء.
في ساحة المعركة، سلاح أمريكا هو الذي يقتل ويشرد ويسفك الدماء ويقضي على الأطفال ويتشفى في الشيوخ والنساء.
وعلى صعيد السياسة، أمريكا تعطل كل قرار لحل الدولتين، وكل قرار لوقف الحرب، وكل مساعٍ للتهدئة؛ فهي التي تملك قرار وإقرار كل شيء.
إذن، أيها العالم، أيتها الشعوب، ماذا أنتم فاعلون؟
لقد استنفدتم كل الطرق السلمية — وإلى متى ستظلون عاجزين عن مواجهة أمريكا، تلك الحكومة التي تتلذذ بضَحْر وتهميش وإهانة الأمم المتحدة ذاتها وتهين ميثاقها ومنظماتها؟
نَددوا كما شئتم، وقرروا كما شئتم، واعترفوا بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره كما شئتم؛ دونوا ما قررتم وسجلوه على ورق البردي، وضعوه في تابوتٍ وادفِنوه تحت منصة قاعة اجتماعات الأمم المتحدة حتى يصبح أثرًا من آثار فرعون العالم الجديد ويخلد هذه الحقبة الحالكة السواد من التاريخ البشري المهزوم.
ختام القول: أمريكا عازمة وماضية فيما خططت له. عازمة على التهجير، وعازمة على القضاء على الأخضر واليابس في قطاع غزة.
أمريكا تريدها صحراء جرداء تمهيدًا لما تخطط له في الخفاء من مشاريع اقتصادية ولوجستية على ضفاف غزة الرحب — وعلى دماء شعبها المسالم.
أمريكا ضاقت ذرعًا بأغصان الزيتون وحمام السلام؛ أصبحت تتلذذ بخنوع العالم وإذلاله.
أمريكا تريدها تهجيرًا، تريدها تهجيرًا. وحين فشلت في التهجير القسري بحراً وجواً وبراً، تقوم الآن بتهجير الشعب الفلسطيني إلى الهاوية، إلى الآخرة، مكفَّنين بأوراق وقرارات الأمم المتحدة وقرارات الاعترافات الحالمة.
وعلى أرواح الشعب الفلسطيني، السلام.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية