تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
الانتخابات إرادة.. تُصان أو تُغتال
الانتخابات ليست أرقامًا تُدوَّن، بل هي إرادة تُصان أو تُغتال. فإذا فسد صندوق الانتخاب فسد معه مفهوم الدولة ذاته؛ فبصندوق الانتخاب تُصان الأوطان قبل أن تُصان الحقوق، وإذا امتدَّت يدُ العبث إليه، وُلدت غدًا شرعيةٌ مريضة لا تقوى على الوقوف في وجه التحديات التي تواجه الوطن.
فلا شرعية تُبنى على باطل، ولا تمثيل يُستمد من صندوق مُلوَّث.
وما وقع من أحداثٍ وخروقاتٍ انتخابية لم يكن تجاوزًا عارضًا، بل عدوانًا سافرًا على الدستور والقوانين المنظمة للعملية الانتخابية. ولم تكن المخالفات هامشية، بل كانت جوهرية ضربت قلب العملية الانتخابية في مقتل.
فإرادة الشعب ليست ورقةً تُطوى، ولا صوتًا يُصادَر؛ و أصوات الناخبين أمانةٌ في أعناق القائمين على العملية الانتخابية. ومن يعبث اليوم بإرادة الأمة يعبث غدًا بأمنها واستقرارها ومستقبلها.
والحق أقول: إن ما شهدته العملية الانتخابية من العبث بإرادة الناخبين أمرٌ غير مسبوق وغير متوقع، في ظل سياسة الجمهورية الجديدة التي جعلت من أولوياتها القضاء على الفساد وتجفيف منابعه، من خلال تبنّي وإصدار ثلاث استراتيجيات لمحاربة الفساد وإعلاء قيم النزاهة والشفافية.
ولقد فوجئ الشعب عامة، والشعب الجنوبي خاصة، فور إعلان الحصر العددي في بعض محافظات الصعيد، بأن بعض المرشحين قد حصلوا على أرقامٍ تفوق العقل والمنطق، بل إن بعضهم فاز بالمقعد من الجولة الأولى دون إعادة، في حين لم يصل أكثر المرشحين جماهيرية إلى الإعادة. وهذا ما لفت الأنظار ودقَّ ناقوس الإنذار بأن وراء الأمر ما وراءه، وكان ذلك أول مسمار في نعش العملية الانتخابية بأسرها.
حتى بلغ صدى ما حدث القيادةَ السياسية، التي لم تغضّ الطرف، فكان ما كان من إلغاء تسع عشرة لجنة من قبل الهيئة الوطنية للانتخابات، أعقبها إلغاء ثلاثين لجنة أخرى من قبل المحكمة الإدارية العليا، الأمر الذي يقطع بأن المخالفات لم تكن صدفة، ولم تكن الأخطاء هامشية، بل كانت ممنهجة ومخططًا لها، ظنّ مهندسوها أن الأمر سيمر دون مساءلة.
ومما يؤكد أن الأمر وصل إلى حد المؤامرة على الشعب ما أسفرت عنه نتائج الدوائر الملغاة؛ فقد أُعلن أمس عن فوز أحد المرشحين من الجولة الأولى بعدما كان راسبًا، وآخرون كانوا فائزين من الجولة الأولى ثم لم يحصلوا في الإعادة على ربع الأصوات التي حصلوا عليها قبلها.
إن ما حدث أمرٌ جلل وخطير، يقوّض جهود التنمية والإصلاح، ويزعزع ثقة الشعب بالدولة ومؤسساتها. ولهذا لا يجوز أن يمر الأمر مرور الكرام، بل يجب على القيادة السياسية تقصّي الحقائق لمعرفة أين بدأ خيط الفساد في العملية الانتخابية، وكيف انتهى بكشف أمره.
ولن تنكشف الحقائق، ولن تبوح الأوراق بأسرارها، إلا من خلال لجنة لتقصّي الحقائق تتبع مباشرة رئيس الجمهورية، تكون مهمتها التحقيق فيما اعترى الانتخابات من مثالب، وبيان مسبّباتها، وما إذا كانت وليدة قوانين غير منضبطة أم من صنع الأيدي العابثة، على أن تُعلن نتائج التحقيقات للشعب؛ ليعلم من الذي غدر به، وزوّر إرادته، وخان الأمانة.
وحتى يُعاد المشهد السياسي برمّته بما يحقق إرادة الشعب فيمن يمثله.
وأخيرًا، لا تصويت حرّ مع ترهيب أو توجيه، ولا شرعية مع تزوير، ولا تمثيل مع إقصاء، ولا دولة مع العبث بإرادة شعبها.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية