تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
«الأهرام» ماض تليد .. ومستقبل مأمول
خلدت الأهرامات المصرية الثلاثة مدى الدهر بأسرارها ورمزيتها ودلالاتها، موقعها فى تاريخ مصر الفرعونية، و(الأهرام الصحيفة) عرضت تلك الأهرامات فى «ترويسة» تاريخية تصافح العين المصرية فى كل صباح، وكأنهم (الأهرامات والمصريون) يتبادلون تحية الإصباح، فشكرا للأهرام.
ومنذ الصغر تطالع أسرتنا يوميا أكثر من جريدة ومجلة، كانت الأهرام على رأسها، أتذكر «مانشيتاتها» الرزينة وعناوينها المعبرة التى تنبئ بواقع الحال فى الدنيا وفى الجوار وفى الوطن، دون مبالغات أو انحياز مخل، وبعيدا عن محاولات الإبهار لبعض الصحف الاخرى التى أفقدتها الموضوعية وأضاعت منها ثقة القارئ.
وأذكر مقال الصفحة الأولى اليومى «ما قل ودل» للكاتب الكبير أحمد الصاوى محمد، الذى كان درسا فى الإيجاز البليغ، وأمانة اختيار الموضوعات والقضايا، التى تهم القارئ من حيث سلامة الطرح وقوة التحليل.
ومن منا لا يذكر مقالات الأستاذ محمد حسنين هيكل «بصراحة»، التى كانت دنيا السياسة كلها تتابعها، حيث كانت مصر بؤرة الاهتمام ومركز المبادرات وزعيمة العرب، ومن منا لا يذكر صور قادة مصر والعرب والعالم التى كانت «الأهرام» تقدمها للقارئ، فتعرفه عليهم من نهرو إلى أيزنهاور وستالين وشو واين لاى وأحمد سوكارنو، ومن منا لم يتعرف من «الأهرام» على قادة إفريقيا الناهضة آنذاك، نكروما وسيكو تورى وسنجور وموديبوكيتا ونيريرى وهيلا سلاسى وغيرهم، مع تغطية أنبائهم ونشر أقوالهم وقصص كفاحهم بل وطرائفهم، وفى ذلك يحق لنا أن نستذكر تلك التغطية المتميزة لنصر أكتوبر العظيم، وعبور القوات المسلحة التاريخى قناة السويس، وإسقاط خط بارليف واستسلام ضباطه وجنوده، وأخيرا من منا لا يذكر صفحة الوفيات التى كانت فى الواقع سجلا لروابط العائلات المصرية ومصاهراتها وكبار موظفيها التى تفخر بهم عائلة الفقيد أو الفقيدة، وفى هذا لم يفت المصريين ـ فى تعليقاتهم الطريفة ـ أن يقولوا: إن من لم ينشر نعيه فى الأهرام فكأنه لم يمت.
والآن ماذا عن المستقبل، إنه عالم جديد حقا مختلف فى أولوياته، وفى شكل علاقاته وربما أيضا فى قياداته وفى مواقع الدول العظمى وترتيبها، وما يترتب على كل ذلك من اضطراب، ثم إنه عالم الذكاء الاصطناعي، والتقدم التكنولوجي، إنه عالم العلوم والفنون والمعرفة، إنه عالم الشباب والمرأة والرياضة، عالم الخيال والفضاء وأعماق البحار، وعالم يتغير مناخه ربما (أقول ربما) جذريا، كما أنه عالم قد تغزوه الأوبئة مع اضطراب مؤسسات التعاون الدولى وتراجع دور النظام متعدد الأطراف.. ثم ماذا عن الشرق الأوسط «الجديد» الذى سوف يكون بالفعل مختلفا، وماذا عن موقف وموقع مصر من كل ذلك.. والتساؤل هنا هو: هل يستطيع «أهرام اليوم» أن يتحمل بمسئولياته نقل وتحليل كل ذلك إلى قارئه فى مصر والعالم العربي؟. أثق فى أننا نحتاج إلى «أهرام الغد».. إلى أهرام جديد يخرج بثقة إلى العالمية وحركتها الديناميكية، يحاول أن يفهمها وأن ينقل إليها رأى مصر والعرب ومصالحهم المتشابكة وإصرارهم على (المشاركة فى بناء العالم الجديد)، وعلى احترام قيم العدالة وحقوق الانسان كما يجب ان تكون.
«يا جريدة الأهرام، فى عامك الخمسين بعد المائة، أود أن أعبر عن خالص التهانى لكل العاملين فى صرحك العظيم وأدعوهم أن يكونوا فاعلين فى الأهرام الجديد الذى أتوقعه بل وأطالب به.. «ويا جريدة الأهرام فلنجعل مصر عظيمة مرة أخري»
الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية