تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > علي هاشم > وزير الخارجية في رحلة أوائل الجمهورية..!!

وزير الخارجية في رحلة أوائل الجمهورية..!!

للجمهورية تاريخ صحفي عريق منذ صدور عددها الأول في 7 ديسمبر 1953؛ فهي جريدة الثورة وصوت الشعب، وقد خطّت على صفحاتها أقلام لامعة وشخصيات تاريخية بارزة، من بينهم الرئيس الراحل أنور السادات الذي روى بنفسه قصة "الجمهورية"؛ الثورة والجريدة.

لقد تميّزت الجمهورية بشخصية صحفية متفردة وبصمة راسخة في عالم صاحبة الجلالة، وكانت صاحبة السبق في تنظيم رحلة أوائل الجمهورية في الثانوية العامة؛ إذ بدأت أولى رحلاتها إلى بيروت عام 1968، ثم اتسعت الرحلة لتشمل ست دول أوروبية هي: فرنسا، وإنجلترا، وإيطاليا، وألمانيا، واليونان، وبلجيكا.
وكان من بين أوائل الثانوية الذين شملتهم هذه الرحلات نابهون صاروا فيما بعد رموزًا في المجتمع، من أساتذة وأطباء وسفراء، بل ومن بينهم وزير الخارجية الحالي د. بدر عبد العاطي، الذي يفاخر بانتمائه إلى أسرة من الطبقة الوسطى، ولا يزال يذكر بامتنان الصحفي الراحل الكبير إسماعيل الشافعي نائب رئيس التحرير ورئيس قسم الأخبار في عهد الكاتب الصحفي الكبير محسن محمد،  وقد تولّى الشافعي بعناية فائقة تنظيم هذه الرحلات لسنوات طويلة، حتى رحل عن دنيانا بعد مشوار مهني حافل بالعطاء.
وقد عُرف الشافعي بدقته وحرصه، فكان يختار خبيرًا من وزارة التربية والتعليم، إضافة إلى صحفيين شباب من "الجمهورية"، لاصطحاب الأوائل في رحلة تستمر نحو 40 يومًا، ببرنامج متكامل يجمع بين الثقافة والمعرفة والترفيه وزيارة المعالم المهمة، وأتذكر أن رئيس النمسا فالدهايم استقبل الأوائل وأجرى معهم حوارًا مطولا كنت مشاركًا. وكانت هذه التجربة الفريدة تغسل عناء الدراسة، وتُحفّز الطلاب من الأجيال التالية على مضاعفة الجهد لنيل شرف السفر ضمن رحلة الأوائل.

وما زالت ذاكرتي عامرة بذكريات حلوة لتلك الرحلة التي عاصرتها منذ التحاقي بالعمل محررًا في "الجمهورية" عام 1976، بتوجيه من الكاتب الكبير محسن محمد، الذي دفع بي إلى قسم الأخبار برئاسة الأستاذ إسماعيل الشافعي آنذاك. وعلى يديه تعلمت الكثير في بدايات مسيرتي المهنية؛ فمن لم يبدأ محررًا للأخبار أو مندوبًا بالوزارات فقد فاته الكثير من أصول المهنة. وكان الشافعي قدوة في الانضباط والتفاني؛ يسبق المحررين حضورًا، ولا يغادر حتى يطمئن إلى تغطية جميع الوزارات والهيئات. وإلى جانبه برز جندي مجهول لا يقل أثرًا، هو الأستاذ ناجي قمحة، مدير التحرير ورئيس التحرير التنفيذي مع كل رؤساء التحرير الذين تولوا رئاسة تحرير الجمهورية، وكان عمودًا أساسيًا في إخراج الجريدة ونجاحها.

ولم تكن رحلة الأوائل وحدها علامة "الجمهورية"، بل تعددت علامات تميّزها. فقد سبقت غيرها إلى التحول الرقمي في عهد الكاتب الكبير سمير رجب، الذي خطّ بيده أول بريد إلكتروني في الصحافة المصرية بتاريخ 23 ديسمبر 1999 تحت مقاله الشهير "خطوط فاصلة". كان هذا المقال بكبسولاته الصاخبة يثير دويًّا هائلًا في الأوساط السياسية ويحرّك المسؤولين وصنّاع القرار، متقدّمًا بذلك على كل الصحف المنافسة.

وعندما توليت رئاسة مجلس إدارة دار التحرير (الجمهورية) عام 2009، وحتى قدّمت استقالتي بعد أحداث يناير 2011، لم أتأخر عن دعم المؤسسة بأحدث أدوات العصر؛ فأنشأت قطاعًا لتكنولوجيا المعلومات بقيادة زملاء أكفاء على رأسهم سعد سليم ومحمد الشرقاوي، ليكون مظلة لكل ما يتعلق بالخدمات الرقمية. وكان قسم الخدمات الصحفية المتميزة (139 جمهورية) نموذجًا رائدًا في "صحافة المواطن"، حيث شارك القراء بصناعة الخبر والتحقيق والتقرير وحتى الحوادث، قبل أن تصل للأجهزة الرسمية نفسها، وذلك عبر الهاتف، أي قبل أن يتربّع المحمول وتطبيقاته على عرش الإعلام. وقد وثّقت الزميلة د. عزة قاعود هذه التجربة في كتابها "رحلتي من القلم إلى الموبايل"، مشيرة إلى تأسيس "تحرير أون لاين" كبوابة إلكترونية سبّاقة للجمهورية. والسؤال الذي يظل عالقًا حتى اليوم: أين ذهب (139 جمهورية) هذا القسم المتميز ورقمه؟

إن "الجمهورية" بحق جريدة تاريخية في نشأتها وتطورها، وأكثر الصحف ارتباطًا بالزعماء؛ منذ أن وقّع الرئيس جمال عبدالناصر طلب إنشائها وكتب افتتاحيتها الأولى، مرورًا بالرئيس أنور السادات الذي لم يكتف بالكتابة فيها، بل تولى رئاسة مجلس إدارتها بعد أن قدّم 300 جنيه كضمانة لإصدارها، ثم صار مديرًا عامًا لها، وصولًا إلى الرئيس حسني مبارك الذي افتتح مطابعها ومبناها الجديد بشارع رمسيس.

لقد عُرفت "الجمهورية" بأنها جريدة الشعب رغم كونها صحيفة الثورة، فقد تبنّت قضايا الناس، وتلمست همومهم وأحلامهم، ورفعت مطالبهم إلى المسؤولين. وبلغ توزيعها في أوجها أكثر من 850 ألف نسخة يوميًا.

ويُسجَّل الفضل في نهضتها وتوسّعها لعدد كبير من أعلام الصحافة والأدباء والمفكرين.

وستبقى هذه الرحلة التي استمرت قوية متألقة حتى أحداث يناير 2011، بما تحمله من دلالات تربوية وثقافية، شاهدًا على اهتمام "الجمهورية" بالمتفوقين وتكريم طلاب العلم.

رحم الله أستاذنا إسماعيل الشافعي، أيقونة رحلة الأوائل، والراحل الكبير الأستاذ محمد حمودة مدير عام تحرير الجمهورية الذي كان له دور بارز في نجاح الرحلة، والزميل عبد الوهاب عدس الذي كان دينامو حقيقيًا لنجاحها. وأنا واحد ممن امتدت إليهم يد هذا التكريم، حين رشحني الراحلان محسن محمد وإسماعيل الشافعي لمرافقة الرحلة وفق معايير صارمة لا مجاملة فيها ولا وساطة. فشكرًا لكل من أسهم في جعل "رحلة الأوائل" أيقونةً متفردة وشاهدًا خالدًا على عراقة "الجمهورية" ودورها الريادي في التنوير وتحفيز الموهوبين والمبدعين من طلاب العلم.
وأخيرًا.. كم تمنيت أن يكون هناك توثيقٌ لمسيرة رحلة الجمهورية للأوائل من خلال كتاب فخيم وخير من يقوم بتلك المهمة الزميل عبد الوهاب عدس.ِ

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية