تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > علي هاشم > كشف حساب .. والبرلمان القادم ..!!

كشف حساب .. والبرلمان القادم ..!!

من المناسب ونحن نستقبل انتخابات برلمانية عما قريب أن نتطلع لتقديم كل نائب كشف حساب عما أنجزه لصالح الدولة ولصالح أبناء دائرته.. هل استخدم النواب أدواتهم الدستورية في مراقبة الحكومة، كم استجوابًا قدمه النواب، وكم طلب إحاطة، وكم قرارًا حكوميًا خاطئًا نجح هؤلاء النواب مجتمعين أو فرادى في إثناء الحكومة عنه، وكم قرارًا منسيًا دفعوا الحكومة لاتخاذه نزولًا على رغبة المواطنين..!!
كم مؤتمرًا جماهيريًا عقده كل نائب لأبناء دائرته ليستطلع مدى رضاهم عن أدائه تحت قبة البرلمان، وكم وعدًا انتخابيًا قطعه على نفسه قبل اكتساب عضوية البرلمان ثم التزم بتنفيذه لهم..؟!
هل يصْدق النواب مع أنفسهم فيتوارى عن المشهد الانتخابي كل من قصَّر واستغل حصانته البرلمانية لجنى منافع شخصية لا يعود منها شيء على المواطن الذي صوته الانتخابي لهذا النائب أو ذاك..فالمشهد لا يحتمل وجوهًا قديمة أو تقليدية تحترف إدارة الانتخابات لكنها لا تحسن استخدام الأدوات الرقابية من مراقبة للحكومة أو الإسهام في سن تشريعات تلبي حاجة الوطن والمواطن في أيام بالغة الصعوبة دوليًا وإقليميًا ومحليًا..!! 
ضخ دماء جديدة بأفكار من خارج الصندوق في حياتنا النيابية فريضة واجبة، لمعاونة الحكومة في رسم السياسات ووضع الخطط والبرامج التنموية التي تضمن الحفاظ على فرص التقدم واستقرار الوطن في إقليم شديد الاضطراب والتغير.
ولست في حاجة  للقول إن بلادنا تشتد حاجتها لبرلمان قوي يضم خيرة العقول ممن يتسلحون بالعلم والخبرة والوعي ويمتلكون الرؤية السياسية التي تؤهلهم للمراقبة والتشريع..نحن في حاجة لكتابة فصول جديدة في مسيرة الحياة النيابية بمصر ولتكريس الممارسة الديمقراطية ذاتها، كما يحتاج  الوطن لإسهام كل فرد من أفراده بالعمل والإنتاج، والمشاركة بالرأي أو الصوت الانتخابي الذي يمكنه دون سواه وفي ظل شفافية التصويت ونزاهته أن يضع المرشح المناسب في مكانه المناسب ، ويقطع الطريق على أي محاولة لشراء الأصوات أو دخول المال السياسي لحلبة المنافسة الانتخابية. 
لا شك أن الديمقراطية تتعمق بمزيد من الممارسة وتنضج بمزيد من العمل، وتتخلص من أخطائها شأنها شأن أي عمل بشري بمزيد من التجارب.. حتى يتشكل برلمان قوي يدرك تحديات الوطن وعمق مشكلاته ومتاعب شعبنا العظيم، وأن يعرف طريقه لقلب المواطن وعقله، ويحترم إرادته ووعيه، ويحرص على رعاية مصالحه، ويصغي لنبضه، ويسارع للاستجابة لتطلعاته وطموحاته.
المواطن يرجوه برلماناً يحترم سيادة القانون، ويعلي مبدأ الفصل بين السلطات، ويكفل التنافس الشريف بين الأحزاب وما أدراك ما الأحزاب التي لا يكاد الناس يعرفون أسماءها وإن عرفوها لم يحتفظوا في ذاكرتهم بأي إنجاز يذكر لهم، كثر عددها وقلّ فعلها وتضاءل رصيدها الشعبي..!!
 أحزابنا مدعوة للنهوض من سباتها حتى تعود مدرسة لتفريخ الكوادر السياسية وضخ الحيوية والعافية في أوصال الحياة السياسية والعامة كما في كل الدنيا ..ولن يتحقق شيء من هذا إلا إذا مارست هذه  الأحزاب الديمقراطية أولًا في أروقتها وبين قواعدها..فهل  يكون انتخاب البرلمان الجديد فرصة لتغير من نفسها حتى تصبح قوية متماسكة فعالة مؤثرة في مجري السياسة، وحتى تتخلق قوة أو نخبة سياسية جديدة تحت قبة مجلسي النواب والشيوخ، وتفرز مرشحين كثراً في الاستحقاقات الانتخابية كافة.
 نحتاج برلمانًا يضمن تكافؤ الفرص بين آحاد الناس، برلمانًا يتبنى قيم الإدارة الرشيدة والديمقراطية الحقيقية، فلا تستهويه سطوة الهيمنة ولا أطماع النفوذ، ويسمع للجميع داخل البرلمان وخارجه، ويعدل بينهم، ويشاورهم في الأمر، ويؤمن بدور العلم وأهمية التعليم الجيد والنقد الهادف، ويقف على مسافة واحدة من جميع فئات الشعب؛ فلا ينحاز لفئة على حساب الأخرى، الضعيف عنده قوي حتى يأخذ له الحق، والقوي ضعيف عنده حتى يستخلص منه الحق، يملك القدرة على الرقابة والتشريع واتخاذ القرار السليم في وقته المناسب، يعرف أعضاؤه حدود الأمن القومي ومقوماته، والمصالح العليا للبلاد. يتمسك بالحق مهما يكلفه. 
برلماناً يمتلك رؤية وأجندة هادفة لرقمنة الحياة وميكنة الإجراءات وتقليل أخطاء العامل البشري وإنجاز الخدمات في أسرع وقت وبأقل كلفة حماية للمواطن من بيروقراطية الموظفين وفساد الفاسدين..برلماناً يحتضن أهل الكفاءة والخبرة ويعتمد عليهم.. يؤمن بالمواطنة وانسجام المجتمع، يملك خطة واضحة للمستقبل تقوم على التخطيط السليم والإدارة بالأهداف والعلم وشفافية المقاصد ووجوب المشاركة الشعبية في القرار وتقييم أداء الحكومة وأجهزتها المختلفة التي تتعامل معه وتقدم له ما يحتاجه من خدمات.
نريده برلماناً يؤمن بأن البشر هم ثروة هذا الوطن وعدته وعتاده وظهيره في السراء والضراء ورأسماله الحقيقي الذي لا تقدم لأي دولة إلا عبر تنميته وتأهيله لقبول أي تغيير أو تطوير منشود. برلماناً يستلهم التاريخ ويستخلص دروسه وعبره ولا يتجاهل أو يستهين بإرادة هذا الشعب، ويدرك أن للعدالة طرقا عديدة لا تقتصر على إعادة توزيع الموارد والثروات فحسب بل بالبحث عن صيغ جديدة لتوليد مزيد من الثروة وفرص العمل والاستثمار.
برلماناً يعرف جيداً الأهمية القصوى للتعليم المنتج والبحث العلمي المثمر والصحة العفية للشعب فإذا ما تحقق ذلك فإن مصائب كثيرة سوف تنقشع مثل العشوائية والجهل والمرض.. برلماناً يحافظ على هيبة الدولة ومؤسساتها، ويشجع المشروعات القومية التي تقيمها الدولة للاكتفاء من الغذاء والكساء والدواء والطاقة.
المواطن يتوق إلى برلمان ينهض بدوره في دعم الدولة لأداء دورها الإقليمي والدولي، ويؤكد على حقوقها الثابتة، ويقطع الأيدي التي تتآمر عليها أو تسعى للنيل منها سواء تعلق الأمر بأمن المياه وأزمة سد النهضة وغيره..برلمان يعين الحكومة على التخلص من العشوائيات والضرب بيد من حديد على  أيدي الفاسدين ويقضي على تضارب المصالح والانتهازية السياسية والاستقطاب، وكل ما من شأنه استهداف لُحمة النسيج الوطني.
المواطن وشواغله ينبغي أن يكون في صدارة اهتمامات البرلمان الجديد وأولوياته، ومراقبة أداء الحكومة ومتابعتها أولاً بأول لتقديم أفضل الخدمات وترجمة تطلعات الناس ومطالبهم إلى واقع يحوز رضاهم، فإنهاض مصر واستقرارها معلق في رقابنا جميعاً لا يمكن لطرف أن ينهض به وحده، فالكل شركاء في الواجب والمسئولية.
أما أكثر ما تشهده منطقتنا من تحديات ومخاطر ما أكثرها وما أعقدها، لدرجة أنها لا تحتمل أي تهاون أو تقصير أو تراخٍ.. فكيف لمجتمع مثقل بكل هذه المتاعب أن يحقق أهدافه ولايزال بين أفراده كل هذا العدد من الأميين.. وكيف لأمة أن تأخذ مكانها بين الأمم إلا بتعليم جيد وبحث علمي متقدم وصحة عفية، 
نحن في حاجة لبرلمان الأمل والعمل والإنجاز والأمل.. وهو ما لن يتحقق إلا إذا أدى كل منا دوره؛ فالناخب مطلوب منه التدقيق قبل الاختيار وألا ينخدع بشعارات ووعود زائفة ولا مكاسب ضيقة بل عليه أن يختار بعقله وضميره من يصلح لمرحلة مصيرية نكون فيها أو لا نكون..!!
يحدونا الأمل أن يأتي البرلمان الجديد معبراً بحق عن الناس حائزاً رضاهم بعد أن كسب ثقتهم وأصواتهم.. وتبقى المهمة الأولى للنواب الجدد هي ترجمة هذا الرضا على أرض الواقع رقابة وتشريعاً وتخفيفاً لمتاعب الشعب الذي هو دون غيره المراقب الأول وربما الوحيد لأداء البرلمان والحكومة معاً..وعليهما أن يقيسا مدى رضاه عن هذا الأداء أولاً بأول..فذلك أدعى للتواصل والتلاحم وكسب ظهير لا غنى عنه أبداً.  
ونرجو لكل من يتقدم للترشح للبرلمان أن يقدم بين يدي ترشحه برنامجًا انتخابيًا قابلاً للتطبيق أولاً، وأن يصدق في وعوده وكفانا ما فات من فرص وما ذهب أدراج الرياح من وعو

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية