تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
الملعب والضمير.. درس عالمي لترامب والعرب معًا..!!
في زمن تتراجع فيه القيم أمام سطوة المصالح، وتُختزل العدالة الدولية في قرارات انتقائية تُصاغ خلف الأبواب المغلقة، جاءت لحظة رياضية عابرة في نهائي كأس العالم للأندية الذي أقيم على الأراضي الأمريكية قبل منتصف الشهر الماضي لتعيد طرح سؤال قديم جديد: هل يمكن أن يكون العالم أكثر إنصافًا لو وُضع الضمير في مقعد القيادة بدلًا من القوة؟
لعلنا نتذكر أن ترامب نزل إلى أرض الملعب بصحبة رئيس الفيفا، وصافح اللاعبين، وشارك فريق تشيلسي لحظة التتويج، مندهشًا من حرارة المشاعر، وصدق الفرحة، وروح العدالة التي تجلت في كل تفاصيل المشهد.
في تلك اللحظة، لم يكن رئيسًا سابقًا لدولة عظمى، بل مجرد إنسان وقف في قلب ميدان يعرف معنى التنافس الشريف، حيث لا تُشترى النتائج، ولا تُزور اللحظات، ولا تُفرض القوانين على المقاس.
رأى ترامب كيف يحصل كل فريق على حقه، لا على حساب الضعفاء، بل عبر بوابة الكفاءة، والانضباط، والالتزام بالقواعد. لم تُرجح كفة فريق لأنه مدعوم من قوة كبرى، ولم يُظلم آخر لأنه ينتمي إلى دولة صغيرة.
يا ترى، هل خطر في ذهنه أن هذا هو النموذج الذي تفتقده السياسة الدولية؟
هل قارن بين عدالة التحكيم في الملعب، وظلم القرارات الأممية التي تنحاز دومًا إلى الأقوياء؟
هل رأى أن إسرائيل ما كانت لتحتل أراضي الغير لولا الدعم الأمريكي الأعمى؟
وهل أدرك أن ما يتغنون به من قيم: كالديمقراطية، والحرية، والعدالة، يسقط حين يواجهون بها مصالحهم ومخططاتهم؟
ربما لم يحتج ترامب إلى كثير من المواعظ، بل إلى 90 دقيقة فقط، شاهد فيها كيف تُصنع العدالة حين تتساوى الفرص، وكيف تُحترم الحقوق حين تختفي الازدواجية.
ولعل تلك المباراة، وإن كانت مجرد رياضة في ظاهرها، قد بعثت برسالة أقوى من آلاف الخطب والقمم والبيانات:
أن العالم لا يحتاج إلى مزيد من القوة... بل إلى قليل من الضمير.
لكن، وسط كل هذا المشهد، يثور سؤال ملحّ:
وماذا عن العرب؟ ماذا عليهم أن يفعلوا ليستعيدوا زمام المبادرة؟
الجواب لا يكمن في خطب رنانة أو بيانات عاطفية، بل في مشروع نهضة حقيقي يعيد بناء الإنسان العربي أولًا، بالعلم والعمل والانضباط.
على العرب أن يغادروا دائرة رد الفعل، ويتحولوا إلى فاعلين في السياسة والاقتصاد والثقافة، لا مجرد متلقين للقرارات.
أن يعيدوا الاعتبار للمؤسسات، وللإرادة الشعبية، ولحكم القانون، وأن يتوقفوا عن استنزاف مواردهم في صراعات داخلية، بينما تتسابق الأمم نحو المستقبل.
ما يحتاجه العرب ليس مزيدًا من الخطابات ولا جولة جديدة من اللوم، بل مشروع نهضة حقيقي يعيد بناء الإنسان أولًا، بالعلم لا بالتلقين، بالعمل لا بالتمني، وبالانضباط لا بالشعارات. لا بد أن يتحرر العقل العربي من قيود الاتكالية، وأن يُستعاد الاعتبار للمؤسسات، والإرادة الشعبية، وحكم القانون. فالكرامة لا تُستجدى، بل تُنتزع بمواقف مسؤولة، والحق لا يُنال بالبكاء عليه، بل بقوة نابعة من وعي الشعوب واتحاد صفوفها.
لابد أن يدرك العرب أن الكرامة لا تُستعاد بالخطابات، بل بالمواقف.
وأن الحق لا يُؤخذ بالرجاء، بل بالقوة المتحضرة التي تُبنى على وعي الشعوب ووحدة الصف وإرادة الاستقلال.
لقد آن الأوان أن ينتقلوا من مقاعد المتفرجين إلى قلب الملعب... لا ليرفعوا كأسًا، بل ليرفعوا أمة.
لقد آن الأوان أن يغادر العرب دكة الاحتياط، لا ليركضوا خلف كأس تافهة، بل ليركضوا نحو مستقبل تصنعه الأمم الحية بإرادتها، لا بما يُمنح لها من فتات المانحين.
آن لهم أن يدركوا أن العالم لا يحتاج مزيدا من القوة العسكرية، بل قليلًا من الضمير ومزيدا من العلم ومزيدا من الإنسانية..وكفي ما ينفق علي الحروب والصراعات والأطماع!!
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية