تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
من وحي العام الجديد
ما أسرع الأيام وهي تمر.. والشهور وهي تعبر.. والعمر وهو يركض إلى المستقر.. وها هو فجر عام جديد يبزغ.. وآخر يغرب.. بينما عجلة الحياة لا تتوقف ونهر التطلعات يتدفق وهدير الأحلام لا ينقطع.. وبما أن الإنسان خلق محبًا للحياة وأودع الله فيه أدوات التصدي للصعاب ومنحه أسلحة ترويض التحديات فإنه من الواجب أن يتحلى بالأمل ويتمسك بالسعي نحو النجاح أينما كان وحيثما وجد.
وبما أنها بداية لعام جديد فلابد لمن أراد تغييرًا أو ابتغي هدفًا أو مستقبلًا جديدًا أن يجري مراجعة أمينة مع النفس، ومحاسبة صادقة مع الذات قبل أن يدخل عامه الجديد متسلحًا بعزيمة قوية وإرادة صلبة ليصنع من قادم الأيام فرحة ويغزل من شهورها سعادة ومن عامها النجاح والفلاح.. ويطارد بيقين في الله أحلامه وتطلعاته، حتى وإن كانت تبدو صعبة المنال وكثيرة التحديات.
وهنا تحضرني كلمات شاعرنا الكبير فاروق جويدة: "قدر بأن نمضي مع الأيام أغرابًا نطارد حلمنا.. ويضيع منا العمر يا عمري.. ونحن على سفر".
البداية الحقيقية في طريق السفر مع الأيام وتحقيق الأحلام ونحن على مشارف العام الجديد هو الإيمان إلى حد اليقين أن الإنسان منا لديه طاقة كامنة وقدرات خارقة للتغلب على التحديات، مهما تعاظمت، وقهر الصعوبات مهما كبرت.
فقد حضرت قبل عامين مؤتمرًا دوليًا بأبوظبي كان بعنوان "تحديات وحلول"، وخلاصة ما خرجت به من مناقشاته التي تناولت تجارب عالمية ملهمة في التغلب على التحديات التي قد تبدو من المستحيل حلها أن كل فرد منا لديه طاقة كامنة قادرة على قهر المستحيل والوصول إلى كل الأهداف ما دام هو صامدًا أمام اليأس، ومتماسكًا في وجه الإحباط، ويمتلك القدرة على استغلال أسلحة الإرادة والعزيمة التي منحنا إياها الله سبحانه وتعالى، واليقين التام بتوفيقه في إيجاد الحلول الناجزة لهذه الصعوبات.
فالطفل منذ اللحظة الأولى من ولادته يواجه تحدي الجوع، فنجده يستخدم قدراته الكامنة بالفطرة في محاولة الرضاعة دون تعلم، حتى يتغلب على هذا التحدي، وهكذا في كل مراحل طفولته يسعى بالفطرة إلى التغلب على كل تحدٍ من محاولة المشي مرورًا باستكشاف البيئة المحيطة، وهكذا بالمراحل الأخرى..
وفي حياتنا اليومية كل منا يواجه تحديات منذ أن يستيقظ وحتى يخلد إلى نومه، وعليه البحث لها عن حلول بداية من أبسط تحدٍ مثل المرور مثلًا عبر تفادي محاور الزحام إلى محاور أخرى أكثر سرعة، وقس على ذلك كل شيء في الحياة ستجد أننا نقضي أوقاتنا في البحث عن حلول لتحديات تواجهنا على مدار الساعة وعلى قدر ما يمتلكه الفرد من قدرات على ابتكار الحلول يأتي النجاح والتغلب على المشكلات والتحديات والتوفيق من الله.
بل إن تجارب الدول في التغلب على الأزمات وإدراك التقدم لم يكن محض مصادفة، بل جاء بإرادة قوية وصبر وتقديم حلول غير تقليدية لتجاوز التحديات.
والبارعون هم من يحولون الأزمة إلى فرصة.. ويخرجون من إخفاقهم مسلحين بعقيدة النجاح وبإرادة التفوق وبعزيمة الانتصار ودحر الانكسار، فمن رحم الليل يولد النهار، ومن غسق الظلام يبزغ النور حاملًا شعاع الأمل، ومع الصبر يأتي الفرج.
.. هكذا مثل هذه الروح تستطيع أن تتغلب على مشقة الحياة وعبء الأيام وتصنع مستقبلًا جديدًا خاليًا من الإحباط واليأس.
حاسبوا أنفسكم.. في نهاية العام تعالوا إلى جلسة مصارحة وحوار مكاشفة لاستخلاص العبر واستلهام الدروس وتعظيم النجاحات وتفادي الإخفاقات..
هكذا نستقبل العام الجديد الذي ربما يحمل الخير أو يأتي لا قدر الله بشر.. قد تجود أيامه بالرزق الوفير.. أو تحمل شهوره من الخير الكثير.. فهي أحداث تقع وأوراق تسقط وتطورات تتلاحق.. صحة ومرض.. فشل ونجاح.. غنى وفقر.. إلا أن إرادة الله هي التي تتحقق ومشيئته هي التي تقع.
في رحلة سفرك مع قادم الأيام ستجد من يحبط عزيمتك، ومن يثبط همتك، ومن يكره تقدمك، ومن يغار من نجاحك وقدراتك، ومن يزرع الشوك في طريقك.. فلا تبتئس ولا تيأس ولا تحزن فالله خير حافظًا، وأمره لواقع، وإن كره الكارهون أو رفض الحاقدين..
ستجد على الجانب الآخر من الطريق أهل الخير، وأولئك أصحاب القلوب الرحيمة والنفوس الصافية، يسدون إليك النصيحة المخلصة والكلمة الطيبة، وستجد من يشجعك ويساعدك ويمد لك يد العون والمعونة، ويزرع فيك بذور الأمل، ويعينك على اكتشاف قدراتك، ويأخذ بيدك نحو النجاح والتقدم.
هي دعوة للتفاؤل بالعام الجديد الذي يفتح لنا أبواب المستقبل وطريق النجاح، ويمنحنا فرصة جديدة لاستكمال مسيرة نجاح، أو فتح مسار جديد نحو المستقبل، مسلحين بالإيمان بالله، ثم بإرادة لا تلين، وعزيمة لا تنكسر، وطموح بلا حدود، وأحلام تتجاوز كل الحدود.
هي دعوة للتفاؤل أسبابها واضحة وأدلتها دامغة بوعد من الله سبحانه وتعالى الذي قال: "إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا".
المؤكد أن عام ٢٠٢٥ كان عامًا قاسيًا على الجميع، وتحمل فيه المواطن أعباء أكبر من طاقته، وتكاليف أشد من قدراته، لكن يبقى الأمل في عام جديد يخلو من الصعوبات وقليل من الأعباء، وفي جميع الأحوال فإن كل المؤشرات تؤكد أن هناك تحسنًا سيطرأ، وانفراجة ستتحقق، فما شهدته مصر من إنجازات خلال العقد الماضي يشهد أننا أمام مستقبل جديد ودولة قوية تمتلك مقومات القدرة الشاملة على النمو والتطور، وتحقيق رفاهية هذا الشعب المخلص لوطنه، والذي قدم من التضحيات الكثير من أجل رفعة هذا البلد وتقدمه، فكل المؤشرات التي تدعمها الأرقام وشهادات المؤسسات الدولية تؤكد أن مصر في ٢٠٢٦ ستشهد تطورًا إيجابيًا كبيرًا في كل مكونات الاقتصاد الوطني سينعكس على حياة المواطنين ويساهم في تحسين جودة الحياة.
كل عام وأنتم بخير، تمتلكون إرادة التحدي وتحقيق النجاح.. كل عام ومصرنا العزيزة القوية بخير وسلام واستقرار وأمن وازدهار، في ظل جيشنا العظيم وشرطتنا الباسلة.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية