تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

المونوريل والمترو

أطلع بين الحين والآخر على انتقادات تُوجه إلى مشروعات قومية مثل خطوط المونوريل والقطار السريع. وأتذكر، وأنا طالب في الجامعة، أنني تابعت حملات شنتها صحف المعارضة على مشروع مترو الأنفاق، وقالت فيه كلامًا مرعبًا، كان أقله أنه مشروع فاشل، وسرعان ما سيتصدع وينهار، وأن القاهرة تعوم على بركة من الماء ستتسرب من جدرانه وتغرقه، وأن جدرانه وسقوفه سترشح، وسينغمس في المياه والأوحال. كما زعمت أن تذكرة ركوبه ستكون باهظة، ولن يستطيع المواطن البسيط تحمل سعرها المرتفع، وتحدثت كثيرًا عن تبديد أموال الدولة.

 

أحاول أن أتخيل القاهرة الآن من دون مترو الأنفاق، فأجد أننا، لولاه، لاختنقنا في بيوتنا، وتعطلنا عن العمل والدراسة، وقضينا نصف حياتنا مشيًا على الأقدام أو عالقين في إشارات المرور. إن القاهرة المكتظة بنحو ربع سكان مصر لا يمكن أن تستغني عن شبكة المترو، ولا عن المونوريل الأحدث، الذي رأيته خلال زيارتي إلى الصين، والتي تعاني مدنها الضخمة من زحام شبيه بما تعانيه القاهرة.

ويُعد المونوريل هناك واحدًا من أهم شبكات المواصلات وأرخصها، ومن دون تلوث، إلى جانب مترو الأنفاق.

وأتذكر كيف كنا ننحشر في الأتوبيسات حشرًا، وكنت أقف طويلًا حتى أجد أتوبيسًا يمكن أن أجد فيه موطئًا لجسدي. واقشعر كلما تصورت معاناة السيدات والفتيات في هذا الزحام. كما أنني من بين من يعانون من قطارات الصعيد، التي تكون عادة مزدحمة، خاصة في الأعياد والمواسم، سواء من حيث الزحام أو الحوادث أو بطء القطارات بالمقارنة مع القطارات السريعة التي يجري إنشاؤها حاليًا، والتي تختصر الزمن إلى أقل من النصف، وتُحقق نقلة تنموية وحضارية مهمة، وتُوسع من المساحة المأهولة لتستوعب الزيادة الكبيرة في عدد السكان.

أحلم باليوم الذي أسافر فيه إلى بلدتي في قطار سريع، وأتمنى تمديده إلى أنحاء مصر كافة، وأتطلع إلى مدن وصناعات حديثة وأراضٍ مستصلحة من حوله. وأرى أن دور المعارضة لا يجب أن ينال من كل ما تنفذه الحكومة، بل يجب أن تكون ناضجة، وتؤيد ما تحققه الدولة من مشروعات تعود بالنفع على الشعب، وتحل أزماته. كما ينبغي لها أن تنتقد أو تطرح آراء بديلة لما لا تراه مناسبًا، فتنوع الآراء ظاهرة صحية، بشرط أن تكون عقلانية وناضجة، وتعمل للصالح العام من دون مبالغة أو تصيد، مما يمنح المعارضة الوطنية مصداقية سيكون لها تأثير أكبر، ويمكن أن تأخذ بها الحكومة، طالما كان ما تُقدمه وجيهًا.

عندئذ، سيكون لدينا حياة سياسية صحية، نختلف أحيانًا ونتفق أحيانًا، في وطن نحرص عليه جميعًا.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية