تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
الدراما وتشكيل الوعى
الشغف بمتابعة الدراما يجمعنا، سواء كان ذلك في شهر رمضان الكريم، حيث وجبات الدراما المتنوعة ما بين الاجتماعي والكوميدي والبوليسي والتاريخي، أو في غير رمضان؛
فالقنوات تتبارى في بث الدراما لأنها تجذب جمهورا عريضا يتابع أحداثها، ويتعايش مع أبطالها، ويترقب المفاجآت والتطورات، ويتكهن بالنهايات. لقد أصبح أبطال الدراما جزءا من عالمنا، وكأنهم عاشوا بيننا، وتركت بعض المسلسلات تأثيرا كبيرا ومكانة في ذاكرتنا؛ تعرفنا من خلالها على أنواع من البشر بمختلف أطوارهم، بعضهم رأينا أمثالهم في الحقيقة، وآخرون تعرفنا عليهم ولا يمكن نسيانهم.
وقد تميزت مصر بإنتاج أعداد هائلة من المسلسلات، يتابعها كثيرون من الدول العربية معنا، وجميعهم يعرفون اللهجة المصرية ويحبونها؛ فقد كانت، وما زالت، الدراما المصرية تتمتع بجمهور واسع في جميع الدول العربية الشقيقة. ويعرف هؤلاء معظم الممثلين المشهورين، ويسألوننا عندما نسافر إن كنا قد التقيناهم أو عرفناهم عن قرب، وما إذا كانت لهم أعمال جديدة. ومع اتساع القنوات الفضائية، زادت معرفة الجمهور العربي بالدراما المصرية ونجومها.
وقد تمتعنا معا بأحداثها وشخصياتها، لكن تأثير الدراما لا يقف عند المتعة فقط؛ فعندما نشاهد مسلسلا أو فيلما تتسع مداركنا، ونتعرف من خلاله على العصر الذي عاشت فيه الأحداث، والبيئة التي أحاطت بشخصياتها، وكيف تفاعلت مع مواقف صعبة، وتغلبت على مشكلات، أو سقطت ضحية أخطاء. نتعلم من تجارب الشخصيات الدرامية، ونتعرف على بلدان وأماكن لم نزرها، وأحداث لم نعشها.
إن الدراما تزيد معارفنا وتشكل قيمنا؛ فنحن نتعاطف مع شخصيات إيجابية، ونتعلم كيف نتقي بعض الأخطاء. إنها المعلم الأكثر تأثيرا فينا، لما لها من جماليات في الأداء والأحداث، وعناصر التشويق والإثارة. ولهذا يكون تأثيرها أعمق، لأنها تتوغل داخل النفس البشرية، ونقاسمها المشاعر، وكأننا عشناها.
من هنا تأتي مسئولية صناع الدراما، وهي مسئولية كبيرة بقدر تأثيرها الواسع؛ ولذلك ليس عليهم التركيز فقط على عوامل الإثارة والتشويق، وإنما غرس القيم النبيلة، وتقديم المعلومات الجديدة والصحيحة، وتحذيرنا من الوقوع في الأخطاء، مع الحفاظ على القالب الجمالي والفني. إنها مهمة عسيرة؛ لأن صناع الدراما يشكلون وعينا بدرجة كبيرة، ويؤثرون في مشاعرنا وتوجهاتنا، وهم أصحاب رسالة، وهذا يتطلب أن يكونوا على مستوى تلك الرسالة؛ بأن يغرسوا في شعبنا القيم الإيجابية، ويقدموا الأبطال القدوة، ويعلوا قيمة الوطن والحفاظ عليه، ويواجهوا السلوكيات الدخيلة الضارة.
إن الدراما مدرسة تضم أعدادا هائلة تتحلق أمام الشاشات، وتعيش مع الأحداث، وتزداد مسئولية صناعها مع وجود عدد كبير من المنافسين؛ فقد أصبح العالم قرية صغيرة بالفعل، وتنوع المحتوى بات هائلا، مع أطراف منافسة لها أغراض أخرى وقيم مغايرة لا تناسبنا وليست من نبتنا. ولهذا أتمنى أن يكون صناع الدراما على قدر هذه المسؤولية الكبيرة.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية