تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > علاء ثابت > الحوار الوطنى ٠٠ تحويل الأهداف إلى حقائق

الحوار الوطنى ٠٠ تحويل الأهداف إلى حقائق

سعدت مثل كل مصرى بالروح الجديدة التى تميز فعاليات الحوار الوطني، الذى تشارك فيه كل الأحزاب والقوى السياسية والنقابات المهنية والعمالية والجمعيات الأهلية، أى أننا أمام بوتقة تضم مختلف طوائف وتيارات وقوى المجتمع، وهذا حدث استثنائى لم يحدث من قبل، فلم يسبق أن التقت كل فعاليات المجتمع المصرى تحت سقف وطنى واحد، وبهدف واحد، وهذا فى حد ذاته مكسب كبير، لأنه يجسد شعورا عاما بضرورة التوافق والمشاركة، وأن يعمل الجميع من أجل الوطن، وأن نستفيد من كل الطاقات والآراء، لتفتح أمامنا آفاقا أوسع، وخيارات أكثر رحابة، وأن نتعامل مع منتجات الحوار الوطنى على أنها خلاصة تلك التجربة الجامعة الفريدة.

 

وأتمنى أن تنطلق كل القوى السياسية والمجتمعية المشاركة وتطرح رؤاها وكأنها من تواجه تلك التحديات وأمامها كل ملفات العمل الوطني، وتقدم رؤاها فى كيفية التصدى لها، دون أن تسعى لإثبات تميزها عن الآخرين، أو تبرز اختلافها، وإنما تسعى إلى وضع تشخيص دقيق للمشكلات والتحديات، وأن تقدم ما يمكن تنفيذه على أرض الواقع، آخذين بعين الاعتبار ما يتوافر لنا من مقومات، وما لا يمكن أن نوفره، وأن نراعى الظروف المحلية والدولية، لأننا لسنا فى جزيرة معزولة عن العالم، فنحن جزء فاعل ومؤثر ويتأثر بمحيطه الإقليمى والدولي.

كما علينا أن نتجاوز ظاهرة الكيد السياسى التى طالت وأضرت تجاربنا الحزبية السابقة، والتى كان يسعى فيها كل حزب إلى رفع الصوت بالإساءة والمزايدة، متصورا أن هذا هو العمل السياسى والحزبي، وأظن أن تجربتنا نضجت، ويمكننا أن نتحاور بشكل ودى ومتجرد من الحسابات الشخصية الضيقة، لأننا أمام معضلات ضخمة، وأزمات وتحديات جسام، تحتاج من كل حزب أو نقابة أو جمعية أهلية أو غيرها من الهيئات المشاركة أن تضع فى اعتبارها غاية بناء الدولة الديمقراطية الحديثة، من أجل رسم ملامح المستقبل، والمضى قدما ليكون بلدنا فى مكانة أفضل، ونحن نستحق ذلك.
 

وعلينا أن نثق فى قدرتنا، وأن نؤمن بأن لدينا من مقومات القوة ما يجعلنا نحقق أهدافنا، وأن يقدر كل منا جهود الآخر ويشجعه على العطاء، لأنه فى صالحنا جميعا، أما التركيز على التقليل من شأن بعضنا البعض فلا يساعد على التقدم الذى نصبو إليه، ولا يجعل أيا منا يحقق شيئا، ونسقط فى براثن البغضاء، وهذا ما علينا أن نتجنبه.

لقد أضعنا الكثير من الوقت والطاقة فى تلك المماحكات التى لا تفضى إلا لتسميم الأجواء، وليس فيها رابح، ونهدر طاقات كان يمكن أن نستغلها فى تحقيق الفوائد لبلدنا، لهذا لم تحقق تجاربنا الحزبية السابقة ما كان مأمولا منها، لأنها لم تنتج إلا التباعد والشقاق والتشكيك، بينما لدينا الآن فرصة علينا أن نغتنمها فى الوصول إلى مخرجات تعبر عنا جميعا، بعيون تنظر إلى المستقبل، وعقول مفتوحة على كل الآراء، تفتح مسارات جديدة، وخيارات أوسع، وطاقات أقوى، ومشاركة مجتمعية لا تنبذ أحدا، ولا تستثنى فئة، إنما تضخ دماء جديدة فى عروق الوطن، وتتفتح فيها مبادرات وإنجازات ونجاحات لنا جميعا، أبناء الوطن الواحد، لأن ما يتحقق لصالح الوطن، يفيد أبناءنا وأحفادنا جميعا، ولا تستأثر به فئة أو مجموعة ضيقة، فالوطن لنا جميعا، وعلينا أن نجعله أفضل وأكثر إنتاجية، وأشد بأسا من خلال تضافر جهودنا جميعا، فعندما نجتمع على شيء، فلن يوقفنا أحد، ونمضى فى طريق البناء، أما الفرقة والرغبة فى الإساءة فلا تحصد شيئا، بل تفسد ما بذرناه ورويناه دون أن نجنى أى محصول.

إن الرئيس السيسى يؤمن بأن مصر تمتلك من القدرات والإمكانات ما يجعلها فى مقدمة الأمم، وعلينا أن نعزز تلك الثقة، وأن نحولها إلى واقع ملموس، وأن نستثمر ما نمتلكه من عقول وإرادة ونوايا وحب لمصر فى البناء ومواجهة التحديات فى مختلف المجالات، وأن نتقدم بعدة بدائل فى مواجهة كل تحد، ونختار ما تتوافر له مقومات النجاح، أو نمنح الفرصة لأكثر من بديل، وأن نتنافس جميعا فى الوصول إلى الغاية التى تجمعنا جميعا.

لقد لمست روحا جديدة تبعث على الأمل والتفاؤل، تنقلنا إلى مرحلة جديدة من الثقة بالنفس وبعضنا البعض، فى تلاحم مجتمعى يعى أننا نمر بمرحلة تحتاج منا أن نصطف جميعا فى مواجهة التحديات التى ستحدد مصيرنا، وعلينا ألا نبدد جهودنا فيما لا يفيد، وأن نوجه كل طاقاتنا نحو بناء الدولة الديمقراطية الحديثة، والترابط المجتمعى الذى يمنح كل فرد الأمان والثقة، ويعزز قدراته ويزيد كفاءاته ومهاراته لكى يكون عنصرا منتجا، ليكون المجتمع أكثر ازدهارا، ويضمن لأبنائنا نظاما تعليميا وصحيا راقيا، وفرص عمل منتجة تحقق عائدا مجزيا، تمكنه من توفير مقومات الحياة العصرية، ولا تعيقه عن تحقيق آماله وآحلامه، بل تفتح لها آفاقا أوسع.

يأتى توقيت حوارنا الوطنى فى فترة بالغة الأهمية، تشهد الكثير من الصراعات العالمية والأزمات والتحديات والتحولات، وعلينا أن نتحلى بالوعى والفهم والنضج والقدرات التى تجعلنا نجتاز تلك الفترة الحساسة والمؤثرة، وبقدر ما سنكون متحدين ومتماسكين وقادرين على مواجهة التحديات، فإننا سنكون قد اجتزنا تلك المرحلة بنجاح، ووضعنا أقدامنا على المسار الصحيح والمناسب لقدر مصر ومكانتها على أسس من القدرات والكفاءات الوطنية التى ترفع ناتجنا الوطني، وتحقق لنا الاكتفاء بل الفوائض التى تساعدنا على تحسين وتطوير مجتمعنا وبنيتنا التحتية، وترفعنا إلى المكانة التى نستحقها.

لن تكون مخرجات الحوار الوطنى ملكا لحزب أو فئة، وإنما مخرجات ناتجة عن حوار مجتمعى واسع وشامل، ولهذا ستحظى بكل اهتمام بوضعها موضع التنفيذ، وستكون بأيدى قيادة واعية تبنت هذا الحوار ودعت إليه ومؤمنة بكفاءة وقدرة المشاركين فيه، كما يحظى بتأييد مجتمعى يجعل تنفيذه من أولويات الجميع، وتبذل فيه كل قوى المجتمع كل جهد ممكن من أجل تنفيذه وتحويل الأهداف إلى حقائق ملموسة، تزيدنا ثقة فى قدراتنا ومستقبلنا.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية