تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
تحيا جمهورية مصر العربية
استوقفني أحد المقاطع المصورة على مواقع التواصل الاجتماعي لأحد مديري المدارس الابتدائية فى طابور الصباح وهو يردد بصوت جهوري تحية العلم " تحيا جمهورية مصر العربية "، وخلفه ردد التلاميذ والتلميذات التحية وهو يحثهم على رفع الصوت.
هذا المشهد أعاد لي ذكريات تقترب من الـ 50 عاما، عندما كنت فى سن ما قبل المدرسة، فى أعقاب انتصار حرب أكتوبر 73 ببضع سنين، حيث كانت والدتي تتركني وشقيقي لدى إحدى السيدات التي ترعانا حتى عودتها ووالدي من عملهما.
كانت تلك السيدة الطيبة تسكن ملاصقة لإحدى المدارس الابتدائية، وكانت هوايتي المفضلة فور أن تستقبلني "أم محمود" وهو اسم مضيفتي، أن أجري إلى الشرفة "الفراندة" التي تطل على فناء المدرسة لأشاهد التلاميذ، وهم يصطفون فى طابور الصباح، فى تناسق، وأمام كل فصل يقف "رائد الفصل" متقدما عن بقية أقرانه ببضع خطوات للأمام، وفى منتصف فناء المدرسة كان يرفرف علم مصر مرتفعا.
وعلى دقات الطبول الضخمة التي يقوم بعض التلاميذ بالدق عليها بعصي تنتهي برأس مستديرة من اللباد، يقف الجميع فى هدوء كالجنود ينتظر بدء المعركة.
كان يصاحب تلك الدقات أصوات آلة "الأكورديون"، التي يعزف بها آخرون من التلاميذ، بينما كان أحد المدرسين يمسك بالميكروفون، وهو يهتف "مدرسة صفا" فيضرب كل تلميذ قدميه بقوة فى الأرض ليبعدهما عن بعضهما بضع سنتيمترات، ثم يهتف المدرس مجددا "مدرسة انتباه" فيعيد التلاميذ ضرب الأقدام فى الأرض ولكن هذه المرة بضم الأقدام، وتستمر هتافات المدرس عدة مرات حتى يطمئن لانتظام الطابور وانتباه كافة التلاميذ دون أن يصدر أحدهم صوتا أو يأتي بحركة تفسد اللوحة .
كان هذا المشهد مهيبا بالنسبة لي وأنا فى هذه السن.. أصوات الطبول ونداءات المشرف وضرب الأقدام بقوة فى الأرض، ويزداد المشهد قوة مع هتاف المدرس: "تحية العلم".
بعد التحية، يستدير التلاميذ الثلاثة عائدين من حيث أتوا، ليعود عزف الموسيقى بألحان أغنية "بسم الله" التي استلهم المبدع الراحل عبد الرحيم منصور كلماتها من صيحات الجنود المصريين الذين كانوا يرددون "الله أكبر.. بسم الله " أثناء عبورهم قناة السويس فى حرب أكتوبر 1973، ولحنها الرائع الراحل أيضا بليغ حمدي، وغناها 15 فردًا من موظفى وعمال الإذاعة، دربهم الملحن على غنائها عندما فشل المطربون فى الدخول لمبنى الإذاعة إثر التشديدات الأمنية نتيجة اندلاع الحرب.
أتمنى ونحن نعيش فى الوقت الحالي ذكرى أعظم انتصار عسكري مصري وعربي فى العصر الحديث وهو أكتوبر المجيد، أن تعود طوابير المدارس كما كانت فى السابق بـ تحية العلم و الإذاعة المدرسية والأغاني الوطنية، ليعود الالتزام والقيم المفقودة إلى مجتمعنا .. وتحيا مصر فى عزة بين الأمم.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية