تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

يحدث في إفريقيا (1)


هذه السلسلة من المقالات التي تحمل عنوان واحداً (يحدث في أفريقيا،) هي محاولة منا لكشف ما يدور داخل دول هذه القارة التي تمثل للدوله المصرية عمق استراتيجيا واقتصاديا كبيرا لا يمكن إغفاله او التقليل من شأنه ،خاصة ان القيادة السياسية حريصة بين الحين والآخر علي التأكيد علي تلك العلاقات المميزه بينها ،وبين دول القاره في مختلف أقاليمها  الخمسه ، بل حريص ايضا علي تقديم كافه أشكال الدعم الفني والمعنوي لشعوبها في مختلف المحافل الدولية المعنيه بهموم  القاره وشعوبها ،(لا ينكر ذلك سوي الغافل ،عما  يقوم به الرئيس السيسي منذ توليه  المسؤليه)  وسوف نتناولها في حينها .

الجميع يعلم ان افريقيا هي قارة المستقبل،  والتي دأب الغرب الاستعماري على استعباد شعوبها ونهب ثرواتها منذ قرون ،وحتى حينما نالت جُل الدول الأفريقية استقلالاً شكلياً تولت تسييرها نخب رديئة وفاسدة، حرص الاستعمار على حمايتها وتوجيهها نحو نماذج تنموية وخيارات اقتصادية واجتماعية كرست الفقر والإفلاس والصراعات الأهلية، في مقابل إطلاق يده في الهيمنة على ثرواتها.

وكما نعلم فان هناك تنافس الثالوث الأميركي- الصيني- الروسي على موارد القارة الأفريقية ومقدراتها ليس وليد اللحظة؛ وهو تنافس ممتد ومستمر وتختلف أدواته ومحدداته من حين إلى آخر، ولكن الملاحظ أن واشنطن التي كانت تُملي سياساتها على الدول الأفريقية والعربية كشرطي للعالم، باتت اليوم تكتفي بالبحث عن نفاذ إلى القارة الأفريقية من بوابة التوسط لتسوية الصراعات والنزاعات وبأدوات وقوات أفريقية،وتلك قصة أخرى سوف نتناولها في حينها.

 ولكن ما يهمنا في هذا المقال ما أعلنه الرئيس الصيني إن تحديث الصين وأفريقيا سوف يجلب موجة من التقدم لجنوب العالم بأكمله ، والأمر متروك لنا أن نجمع قوى أكثر من 2.8 مليار صيني وأفريقي، لمواصلة مسيرتنا نحو الحداثة، والمساهمة، من خلال تحديث الصين وأفريقيا، في تحديث الجنوب العالمي".  تلك العبارات كانت من خطاب شي جين بينغ، أمام منتدى الفوكاك 2024.(الصيني-الأفريقي)وهذه العلاقة هي محور  مقالنا اليوم .
منذ عام 2000 عملت الصين علي  تنظيم منتدى التعاون الصيني الأفريقي (فوكاك Focac) كل 3 سنوات، مرة في الصين وأخرى في أفريقيا. ومنذ ذلك التاريخ تنامت علاقة التعاون الصينية الأفريقية،وخصوصاً منذ عام 2013 تاريخ إطلاق الصين مبادرة "الحزام والطريق"، والتي تُعَد من المبادرات التي ستعيد رسم خرائط التجارة العالمية وتعزز مكانة الصين دولياً.

وقد جاء انعقاد المنتدى التاسع في ظروف إقليمية ودولية بالغة التعقيد، بحيث يشهد العالم تبعات الركود الاقتصادي الذي تزامن مع جائحة "كوفيد"، وأثر في حجم المساعدات الصينية لأفريقيا وارتفاع وتيرة الصراع الدائر بين أميركا وحلفائها وقوى تتطلع إلى نظام عالمي جديد كروسيا والصين وإيران ،وقد لا نبالغ إذا قلنا إن الحرب الأوكرانية الروسية والحرب على غزة ما هي إلا تجليات لهذا الصراع.

وبعد أن انتقد  الرئيس الصيني المسار الغربي للتحديث وما سببه من معاناة عميقة للدول النامية ، ومحاولات دول العالم الثالث، بما فيها الصين والدول الأفريقية، بعد الاستقلال، دعا إلى تصحيح المظالم التاريخية في عملية التحديث، وأضاف: "في سعينا المشترك للتحديث، سنطلق موجة من التحديث في الجنوب العالمي، ونكتب فصلاً جديداً في بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية". 

 وفي اعتقادي الشخصي ان سر تميز الوجود الصيني في أفريقيا  يعود الي السياسة التي اتخذتها الصين منذ انطلاقها نحو دول القاره وهو ما أشار اليه بوضوح الرئيس الصيني  شي جين بينغ، أمام أكثر من 50 ممثلاً للدول الأفريقية حضروا المنتدى، بمنزلة خريطة طريق رسمت آفاق التعاون بين الصين وأفريقيا، ومناسَبة لإظهار تفهم الصين لتخوفات الأفارقة وانتظاراتهم، والرد على اتهامات الغربيين 
حينما قال إن بلده وأفريقيا، في مواجهة الموجة العظيمة للعولمة الاقتصادية، عززا قدراتهما وطورا تعاوناً مثمراً لمصلحة المليارات من الشعب الصيني والأفارقة، واقترح "رفع العلاقات الثنائية بين الصين والدول الأفريقية إلى مستوى استراتيجي"،وايضا  حين قال في خلال المنتدي التاسع الصين /افريقيا سبتمبر الماضي تحت شعار "العمل معاً لتعزيز التحديث وبناء مجتمع المستقبل المشترك الصيني الأفريقي رفيع المستوى": "إن تحديث أي بلد لا يجب أن يحترم القواعد العامة فحسب، بل يجب أيضاً، قبل كل شيء أن يتكيف مع الظروف الوطنية ،وان بلاده وتعتزم الصين دعم مختلف البلدان في استكشاف طريق التحديث الذي يتكيف مع الواقع الوطني، والعمل على ضمان الحقوق والفرص المتساوية للجميع، إذ إن التنمية، المنسقة على المستويين المادي والروحي، هي المثل الأعلى النبيل على التحديث القائم على تكثيف التبادلات الإنسانية والثقافية والاحترام المتبادل، والتعايش الشامل بين مختلف الحضارات". 
 ومن ملامح تلك الكلمات التي اطلقها الرئيس الصيني سوف نلاحظ ان يتحدث بلغه مختلفة عما تعودت عليه الشعوب الأفريقية من قبل الدول الغربية ،خاصة دول الاستعمار القديم حيث اكد ان التحديث الذي تراه الصين يجب ان يحترم البيئة ويتسم بالسلام والأمن المشترك والاستقرار في العالم، ثم اعقب ذلك طرح شي جين بينغ 10 إجراءات شراكة تعتزم الصين إنجازها في الأعوام الثلاثة المقبلة  للمساهمة في التحديث في أفريقيا، وهي:
الشراكة من أجل الإلهام المتبادل بين الحضارات وتبادل الخبرات في مجال الحوكمة، ومن أجل ازدهار التجارة، والتعاون في مجال السلاسل الصناعية والعلمية والتكنولوجية والتحول الصناعي، ومن أجل الربط البيني عبر شبكة ربط برية وبحرية صينية في إطار مبادرة الحزام والطريق، وفي مجال التعاون الإنمائي، والصحة، والتنمية الزراعة، والتبادل، إنسانياً وثقافياً، والتنمية الخضراء، والشراكة الأمنية المشتركة.

لضمان تنفيذ إجراءات الشراكة العشرة، وعد الرئيس الصيني بتوفير مليون فرصة عمل على الأقل، ومنح أفريقيا خلال الأعوام الثلاثة المقبلة دعماً مالياً قدره 50 مليار دولار أميركي: 29 مليار دولار في شكل خطوط ائتمان، 11 مليار دولار في شكل مساعدات و 10 مليارات دولار في شكل استثمارات .

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية