تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
جحيم نتنياهو وترامب.. و«إسرائيل الكبرى»
قال نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني المحتل: "سنفتح أبواب الجحيم على غزة وفق خطة مشتركة مع ترامب".
في حين قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، ردًا على بث الفيديو الذي نشرته حماس لرهينتين إسرائيليتين:"الآن يُفتح باب الجحيم في غزة، وستُفتح أبواب جهنم على رؤوس مقاتلي حماس إلى أن يوافقوا على شروط إسرائيل لإنهاء الحرب.. ولن يتوقف القتال حتى يعود كل المحتجزين إلى ديارهم".
وقبلهما، هدد ترامب بفتح أبواب الجحيم على الشرق الأوسط إن لم تُسلم حماس الرهائن.
وفي تصريحات استفزازية كشفت نوايا نتنياهو، قال إنه يشعر بأنه في “مهمة تاريخية وروحية”، وأن تلك المهمة “مرتبطة جدًا” برؤية “إسرائيل الكبرى” التي تشمل كل فلسطين وأجزاء من بعض الدول المجاورة.
وكان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد أثار جدلًا كبيرًا بتصريحاته عن مساحة إسرائيل، حين تساءل في تجمع للجالية اليهودية بأمريكا قبيل الانتخابات الأمريكية: هل هناك طريقة للحصول على المزيد من الأراضي لإسرائيل، لأنها “صغيرة” على الخريطة؟
وكرر ترامب تصريحاته حول حجم إسرائيل حين سأله صحفي في البيت الأبيض عمّا إذا كان يؤيد ضم إسرائيل للضفة الغربية المحتلة، فقال: “لن أتحدث عن ذلك، لكن مساحة إسرائيل صغيرة، إسرائيل دولة صغيرة جدًا”.
فما هو الجحيم الذي يقصده نتنياهو وترامب ووزير دفاعه؟ وما هي حقيقة «إسرائيل الكبرى» ومدى ارتباطهم بمشروع برنارد لويس؟
عقب هذه التصريحات المتوالية عن “الجحيم”، استأنفت إسرائيل حربها على قطاع غزة عبر عملية “عربات جدعون الثانية” بهدف احتلال كامل القطاع.
ويبدو أن هناك جحيماً فعليًا ينتظر الشرق الأوسط، كما توعّد نتنياهو وقبله ترامب. ولا أدل على ذلك مما سارعت به إدارة ترامب من تسليم أسلحة بمليارات الدولارات إلى إسرائيل، في دعم غير مسبوق.
كما أن مشاهد الأبراج السكنية الشاهقة في غزة وهي تتهاوى، والتي بدأت إسرائيل في تدميرها وتسويتها بالأرض، تُعد مرعبة، وتُعد بداية لتفريغ غزة من سكانها وتهجيرهم. فهل هذا هو الجحيم الحقيقي الذي ظل ترامب ومن بعده نتنياهو يهددون به الفلسطينيين لإجبارهم على الخضوع والاستسلام والرحيل عن ديارهم لتخلو غزة لحلفائهم في تل أبيب؟
من المعروف أن قوى الضغط الصهيوني العالمية كانت من الداعمين الأوائل لوصول ترامب إلى الحكم، وفق ما اعتبره البعض صفقة غير معلنة.
وقد أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن انسحابه من الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، ما اعتُبر تمهيدًا لتهيئة المسرح لعودة ترامب، حيث إن انسحاب بايدن قد يُنهي مرحلة التمهيد لما يُعرف بـ”صفقة القرن”، التي بدأت في عهد ترامب، لتبدأ المرحلة الأهم: التنفيذ.
لذا كان متوقعًا عودة ترامب مرة أخرى إلى البيت الأبيض لاستكمال “صفقة القرن”.
سياسة بايدن، التي كانت تسعى لإدارة الصراع لا حسمه، لا تتماشى مع العقلية الإسرائيلية الحالية، والتي ترى أن هذه المرحلة تتطلب حسمًا لا إدارة. لذلك، يعتقد البعض أن دور بايدن قد انتهى، بعكس ترامب الذي جاء لينفذ الصفقة المعدة مسبقًا، ما يستدعي تهيئة الأجواء لعودته.
ترامب لا يكتفي بتأييد إسرائيل سياسيًا وعسكريًا فقط، بل يؤيدها لأسباب عقائدية ودينية. فهناك تيار في اليمين الإسرائيلي المتطرف يعمل على إقامة “إسرائيل الكبرى”، ويطرح رؤى تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية بالكامل، وتهجير السكان الفلسطينيين، والتي بدأت بحرب غزة، إضافة إلى تبني خطط مثل “الوطن البديل”.
تتضمن هذه الخطط تهجير الفلسطينيين، وإعادة هيكلة السلطة الفلسطينية من خلال مشروع “الإمارات السبع”، الذي يهدف إلى تقسيم مناطق الضفة الغربية إلى تجمعات صغيرة يسهل التحكم بها.
كما يُعتقد أن هناك محاولات لدفع الفلسطينيين إلى مناطق خارج فلسطين، رغم الاعتراضات الرسمية المعروفة من دول عربية، وذلك بهدف إقامة دولة يهودية نقية، بما يمنع استمرار وجود نحو 7 ملايين فلسطيني على أرضهم، مما تعتبره إسرائيل تهديدًا لتركيبتها الديموغرافية.
أيضًا، من المتوقع أن يدفع ترامب نحو مزيد من خطوات التطبيع مع إسرائيل، خاصة مع دول كبرى في المنطقة، كما أنه قد يتخذ مواقف أكثر تشددًا تجاه إيران. وقد يصل إلى شن حرب ضدها، وهو ما تريده إسرائيل في هذه المرحلة لتقويض نفوذ إيران في المنطقة، عبر استهداف جماعات موالية لها.
الدعم الأمريكي للكيان الإسرائيلي، والذي يعود ترامب لتطبيقه، يتقاطع بشكل كبير مع مشروع “برنارد لويس”، المؤرخ الأمريكي الشهير من أصول صهيونية، الذي اقترح مخططًا لتقسيم الشرق الأوسط إلى أكثر من ثلاثين دويلة على أسس طائفية وعرقية.
وقد نُشر هذا المخطط في مجلة “إكسكيوتف بروجكت”، التي تصدرها وزارة الدفاع الأمريكية في يونيو 2003، بهدف حماية المصالح الأمريكية والإسرائيلية.
ويتضمن هذا المخطط تفتيت عدد من الدول العربية إلى دويلات صغيرة، كما ورد على لسان ترامب حين تساءل:
“هل هناك طريقة للحصول على المزيد من الأراضي لإسرائيل لأنها صغيرة على الخريطة مقارنة بالدول الأخرى في الشرق الأوسط؟”
وهذا يتطابق مع مخطط برنارد لويس لتفتيت المنطقة.
يشمل المخطط تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات، وإيران إلى أربع، وسوريا إلى ثلاث، ولبنان إلى خمس، والأردن إلى اثنتين، وتجزئة السعودية إلى ثلاث دويلات. كما تحدث المخطط عن تقسيم مصر، وهو أمر مرفوض تمامًا من الدولة المصرية وشعبها ومؤسساتها، التي تؤكد دومًا على وحدة الأرض والشعب ورفض أي مخططات تفتيت أو تدخل خارجي.
يهدف مشروع برنارد لويس إلى إثارة الصراعات الطائفية والعرقية داخل الدول العربية، واستغلال الأقليات لدفعها إلى الانفصال، ما يؤدي إلى انشغال هذه الدول بصراعات داخلية، تُضعفها وتُبقيها في حالة تبعية وتفكك.
وهذا ما نراه في لبنان، وسوريا، والعراق، واليمن، وغيرها، حيث تحاول بعض الأطراف استغلال تنوع المجتمعات لخلق صراعات داخلية.
تسعى إسرائيل إلى صرف الأنظار عن القضية الفلسطينية، وخاصة عن غزة، من خلال إشعال هذه الصراعات، فيما يُعرف بـ”الحرب الصامتة” لتهجير الفلسطينيين تدريجيًا.
كما سيؤدي تفتيت المنطقة إلى صراعات طويلة حول النفط، والمياه، والحدود، والحكم، مما يُبقي إسرائيل في موقع التفوق لعقود مقبلة.
خطورة المشروع الصهيوني أنه لا يقتصر على فلسطين، بل يمتد ليهدد الأمن القومي العربي برمته. لذا، على العرب والمسلمين تحمّل مسؤولياتهم التاريخية، والتكاتف لمواجهة هذا المشروع الذي لا يستهدف الفلسطينيين وحدهم، بل يسعى لإبقاء المنطقة في دائرة التبعية والتفكك.
نجاح المشروع الصهيوني في فلسطين لا يمكن فصله عن حالة الضعف في العالم العربي. وقوة العرب ووحدتهم هي السبيل الوحيد لإضعاف هذا الكيان الغاصب.
فهل هذا هو “الجحيم” الذي توعد به ترامب وكرره كل من نتنياهو ووزير دفاعه؟ وهل ينتظر الشرق الأوسط هذا المصير، أم أن المنطقة قادرة على الصمود والمقاومة ؟
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية