تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

إنهم مختلفون

أيها الناس مجتمعات الحضارة الغربية، مجتمعات مختلفة، فقد قادها التطور المنطقى والتاريخى والاجتماعى والسياسى والثقافى إلى أن تكون مجتمعات علمانية تؤمن بالحرية وتنهج نهجا ديمقراطيا، وتحترم حقوق الإنسان، وبعد قرون من الحروب الدامية والخلافات ذات المستويات والأبعاد العميقة والمتعددة، اختارت أن تترك وراءها هذا التاريخ الدامى، وتبحث عن المصالح المشتركة، وهذا قادها إلى الاتحاد الأوروبى الحالى، الذى يضم 27 دولة تتكلم 23 لغة، وكانت البداية اتحاد الصلب والفحم، الذى تشكل بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، أى فى بداية خمسينيات القرن الماضى، وبثبات وثقة وتفكير عملى توالت الخطوات إلى أن تشكل الاتحاد الأوروبي.

أما بالنسبة للدين، فقد كان شعار الثورة الفرنسية حرية، إخاء، مساواة، أى اختيار علمانى صرف، وبهذا تأكد تراجع وجود الدين فى السياسة، وعندما نشبت الثورة البلشفية فى روسيا عام 1917، كانت النظرية الماركسية وعمودهات الفقرى الفكر المادى الذى لا يؤمن بوجود خالق، تكرس الطريق الأوروبى العلماني.

وكل الدساتير الأوروبية تضمنت نصوصا واضحة تؤكد هذا الاختيار العلمانى بكل ما يعنيه ويتضمنه.

وتطورت هذه الدول اقتصاديا وعلميا وثقافيا واجتماعيا، ومازالت تمضى على طريق التقدم والتطور.

واقتضى الأخذ بالحرية بكل أبعادها إقرار حق الفرد فى ممارسة حريته إلى أبعد مدى، وهناك دساتير فى عدد كبير من الدول تعطى المثليين حق الزواج. أما حق المساكنة أى أن يحيا اثنان معا فى مكان واحد دون زواج فهو أمر مقرر من عقود.

مثل هذه الأمور ابتداء من العلمانية إلى حق زواج المثليين تتعارض وتتناقض بشمول وعمق مع إيمان وأعراف وتقاليد أهل الشرق، وأعنى الدول الإسلامية فى الشرق بما فى ذلك الشرق الأوسط، لذا يتكرر الصدام، ولا يتوقف تأكد الرفض لهذا النهج.

ولكن هذا الرفض لن يغير من حياة الآخرين، ستظل مجتمعات الحضارة الغربية، مجتمعات علمانية، ولن تختفى دساتيرها التى تمنح المثليين حق الزواج، ولن تتوقف هذه الإساءات التى تبرز أحيانا لعقائد أهل الشرق.

ومن المنطقى أن يتكرر الاحتجاج، وتتوالى المطالبات بمنع الإساءة إلى الأديان وإلى من يؤمنون بها.

هذه الانتماءات أصبحت إحدى معالم الرفض الواضحة، ولكنها تظل مجرد استغاثات، ولا شك أن هناك عقلاء كثر بين مواطنى هذه الدول، ودائما ما يعبرون عن رأيهم، ويطالبون الآخرين بالتعقل، ولكن الآخر هنا مواطن علمانى أدار ظهره للكنيسة منذ العقود التى سبقت الثورتين الفرنسية والروسية، أيا كانت نظرته لكل دعوات التعقل واحترام الآخرين، فإنه لن يخرج على علمانيته، كما أن استغاثات الآخرين ودعوات العقلاء من المفكرين والسياسيين والمثقفين، ليست أكثر من خربشة على الحجر.

والقضية هنا، أنه يرى أنه على صواب لا يأتيه الخطأ من أى جانب، ويتذكر كثيرون أنهم عاشوا طوال سنوات الصدام الطويلة مع البابوات، كانت تصدر منه استغاثات مماثلة، ولكن هذا الصدام الدينى العلمانى انطوت صفحته، ولم يعد للباباوات سوى دولة محدودة المساحة اسمها الفاتيكان موجودة فى قلب العاصمة الايطالية روما.

وهناك من يتوقع أن يتطور الشرق أو عدد من دوله، وأن ينتقل إلى عالم العلمانية، خاصة أن هناك مجموعة من الدول بالشرق قد أخذت بالدولة المدنية، وذلك أن يتأثر التمسك بالعقائد والإيمان بالدين.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية