تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > عبده مباشر > «رومانى».. وحواديت الفسيفساء

«رومانى».. وحواديت الفسيفساء

أطلق أجدادنا العظام الذين عاشوا فى وادى النيل منذ آلاف السنين على روح الإنسان «ألبا» وأطلقوا على الجسد «ألكا» ومنذ هذا الفجر التاريخى بدأ الإيمان بوجود بعث بعد الموت، وهناك حساب وخلود بجانب المصير الآخر الذى ينتظر من أساءوا.

 

ومن هنا بدأ الاهتمام بالحفاظ على جسد المتوفى، وكان التحنيط هو الحل، وقد برع الأجداد فى ذلك أيما براعة، ومازال فن وعلم التحنيط سرا بنسبة كبيرة.

وبدأ الأجداد فى التفكير، كيف ستتعرف الأرواح التى ستصعد إلى عالم الخلود، على أجساد أصحابها عندما تعود يوم البعث، أرواح كثيرة جدا جدا وأجساد مساوية فى العدد؟!

وقد وجدوا الحل، رسم وجوه الموتى على رقائق خشبية أو على أى مادة أخرى، ووضع هذه الوجوه فوق المومياوات أو التوابيت. وقد تم العثور على لوحات لوجوه فى سقارة ومناطق أخرى، ولكن كان العثور على بورتريهات الفيوم فتحا حقيقيا،

فقد احتفظت اللوحات بألوانها، وكانت بحالة جيدة، ويرجع الفضل فى ذلك إلى المناخ الجاف لهذه المنطقة، وبدا واضحا جدا مدى البراعة فى رسم الوجوه، خاصة العيون، التى كانت تنظر إلى الأبدية فى حالة من الحزن والهدوء.

استعدت هذه الصفحة التاريخية، وأنا اتجول فى المعرض الذى أقامه الفنان التشكيلى رومانى سمير بقاعة دروب بشارع حسن عاصم، بالزمالك، تحت عنوان «حواديت الفسيفساء» «mosaic taiks» ابتداء من نهاية الشهر الماضى.

ورومانى من الفنانين القلائل الذين يستخدمون «الموزاييك» لإبداع اللوحات أو التماثيل.

وقد تضمن المعرض قسما رئيسيا استوحاه من «بورتريهات الفيوم»، وقد أجاد جدا فى تصوير العيون فالناظر إلى هذه اللوحات سيتبين كم تعمق الفنان فى دراسة، وفهم هذه البورتريهات.

المهم أن بورتريهات الفيوم تؤكد أن المصرى القديم هو أول من أبدع وبدأ هذا الطريق فى عالم الفن.

ولأن الفنان رومانى سمير من عشاق أم كلثوم، فقد رسم لها عدة لوحات، وبراعة الرجل فى إبداع التماثيل لا تقل أبدا عن براعته فى إبداع لوحاته.

ويمكن القول إن التجوال فى أرجاء المعرض يفتح أبوابا للتفكير ومحاولة اكتشاف هذه العوالم التى ارتادها الرجل فى مشوار حياته وقادته إلى هذا الطريق لكى ينتج مثل هذه الأعمال، ونعود لنقول إن رسم هذه النظرات الهادئة للوحات المستوحاة من بورتريهات الفيوم، وهى تتطلع إلى الحياة الأبدية يمكن أن تقول أنها تكشف لنا منطقة تتوسط بين الحياة والموت.

إنها عيون واسعة تبرق بالهدوء، وتحمل أملا وتميزا، والرجل قال لنا إن هذه الوجوه تعبير عن حيوية الحضارة المصرية القديمة، ولوحات الفنان وتماثيله تستنفر الخيال وتبذر كثيرا من البذور على طريق الأمل.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية