تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
فى رثاء بى بى سى!
تتوالى الضربات المؤلمة على هيئة الإذاعة البريطانية، النموذج الإعلامى الأشهر عالميا. 13 عاما متواصلة من التخفيضات فى تمويلها من دافعى الضرائب. توقف خدمات رئيسية لها بلغات أجنبية كاللغة العربية. تراجع نسب المشاهدة وانصراف الشباب تحديدا عنها إلى قنوات ومنصات إعلامية أكثر جرأة وتلبية لاحتياجات المشاهد. خلافات علنية بشأن رواتب نجوم البى بى سى الكبار، واضطرار بعضهم لمغادرتها.
لكن الضربة التى ربما تكون مميتة، هى استقالة رئيس الهيئة ريتشارد شارب بعد تأكيد تحقيق مستقل تورطه فى تسهيل حصول رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون على قرض بمليون دولار قبل أسابيع فقط من تعيينه رئيسا للهيئة 2021، أى أنه تولى منصبه بـ«الواسطة». ليس هذا فقط بل إن التعيين كان سياسيا من الألف للياء، لا علاقة له بالكفاءة والمهنية. بى بى سى التى تفاخرت دوما باستقلاليتها عن الحكومة، وأن خطها التحريرى مهنى تماما، تجد نفسها لا تختلف كثيرا عن وسيلة إعلامية أو صحيفة يملكها رجل أعمال يوجهها كيف يشاء.
وقبل أسابيع، أوقفت الهيئة مقدم برنامج شهيرا هو نجم الكرة السابق جارى لينكر لانتقاده سياسة الحكومة البريطانية تجاه المهاجرين. ولولا تضامن المذيعين معه لما عاد للعمل مجددا.
لينكر الذى شعر بوطأة الضغوط الحكومية، قال إنه ينبغى ألا تختار الحكومة رئيس الهيئة الآن ولا فى المستقبل. تاريخيا كانت الحكومات لا تستسيغ انتقادات الهيئة الشديدة لها وتتهمها بالانحياز للمعارضة، والهيئة ترد بأنها تمارس عملها بحيادية ومهنية. لكن حزب المحافظين الذى يتولى الحكم منذ 2010، أراد كسر ظهر الهيئة، فقرر تجميد الزيادة فى المبلغ الذى تحصل عليه من كل أسرة تمتلك تليفزيونا ( 193 دولارا حاليا) رغم ارتفاع التضخم. ثم قرر وقف التمويل تماما بعد 2027، مما قد يعنى نهاية فعلية لما يسمى «البى بى سى».
نماذج الإعلام العام الذى يقدم خدمة رصينة وموضوعية مع حد أدنى من الاستقلالية، تتلاشى تدريجيا. الحكومات لا ترتاح له والمتلقى ينصرف عنه والقائمون عليها عاجزون عن مواجهة التحديات. إنه عصر يلملم أوراقه ويغادرنا.
aabdelsalam65@gmail.com
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية