تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
فى حضرة السر العظيم
هناك طاقة إيجابية حقيقية، تلمسها بيدك، تراها بعينيك، تشم رائحتها الزكية فى أنفك، الناس متباينة الألوان والأحجام والألسن، والكل صائم والزحام شديد، ومع كل ذلك لا تجد سوى الابتسامة الطيبة والوجه السمح البشوش،
إذا دفعك كتف غصبًا سارعت يد صاحب الكتف تُربت على كتفك مُعتذرة والجميع يسير نحو غاية واحدة، وهى زيارة مقام رسول الله فى المدينة وإلقاء السلام على حضرته الشريفة، ثم على صاحبه الصديق الخليفة الأول سيدنا (أبو بكر)، ثم على صاحبه الفاروق الخليفة الثانى سيدنا (عمر بن الخطاب)، الجميع يدعو رافعًا يديه خافضًا صوته والدموع تملأ عيون رجل ذى بشرة سمراء فينظر له بحنان رجل أشقر بلحية صفراء، وهو يفسح الطريق لآسيوى عجوز يتوق شوقًا أن يقترب أكثر من المقام الشريف،
كيف أمكن لكل هذا العدد من الناس فى تلك المساحة أن يتدافعوا فى ود خالص وشوق وأدب وحُسن خلق؟ ثم يخرجون من باب البقيع إلى الساحة وقد اكتحلت قلوبهم بالرضا وشعور عال بالأخوة تجاه كل شيء ،
أخوة حقيقية تجمعك بالكل حتى مع السور والجدران ورخام الأرض وحمام المسجد الذى يطير من حولك فى أمان وتعبد وفرحة، هذا المكان حى تمامًا، مكان لا يعرفه الموت ولا يُدركه أبدًا، مكان يتنفس بأنفاس رسول الله، مكان باركته خطواته الشريفة وهو يسير بين أصحابه بعد الصلاة يتمتعون بحديثه ويشاهدون وجهه المبتسم لهم يواسى المهموم ويرفع هِمة الضعيف ويجعل الصغير يبتسم ويزرع الأمل فى كل قلب.
هنا كان يجلس بينهم فتمتلئ أرواحهم بالطاقة الإيجابية والروح الإنسانية العالية فيسيرون خلفه وهم صيام فى عدد قليل قرب المائة كيلو متر، ليلاقوا جحافل الكفر فى بدر وينتصر العدد القليل الصائم المؤمن على آلاف الكفار الأقوياء المترفين المدججين بالسلاح.
هنا كان رسول الله يلتقى بسيدنا (علي) فيجده نائمًا فى المسجد وعلى كتفه التراب من أثر النوم خارج بيته، يزيح التراب عنه ويبتسم له ويداعبه بالكلام ويقول له: قُم يا ابا تراب ، ويصحبه من يده إلى بيته وزوجته ـــ وهى ابنته السيدة ( فاطمة الزهراء ) ـــ فيتم الصلح بين الزوجين دون حاجة لحكى أو شكوى أو عتاب.
هنا فى ساحة المسجد وأمامه كان يلعب (الحسن) و(الحسين) وكان يحمل الرسول الكريم أحدهما على كتفه أو يصلى وبجواره الثانى يلعب، فيعرف جميع المسلمين مقام الريحانتين عند جدهما وعند رب العالمين.
هنا فى تلك المدينة المقدسة تزوج سيدنا ( على ) بالزهراء بعد غزوة بدر وهنا كان رسول الله يعامل زوجاته أمهاتنا المعاملة الأرقى والأجمل على وجه الأرض، هنا كان سيدنا (أنس بن مالك) يخدم رسول الله ولم يقل له أبدًا لم فعلت هذا أو لما تركت ذلك،
هنا صعد سيدنا (بلال) بصوته الندى وأذن فى الناس فقاموا للصلاة قومة الغرقى لبر النجاة، والعطشى للماء ومازال السر الأعظم يسكن تلك المدينة المكرمة المشرفة، مازال السر حيًا فيها مُنتشرًا فى ربوعها مُتجليًا فى سلوك زوارها ضيوف رسول الله، خالية من الصخب واللغو والضجيج كأنها قطعة من الجنة (لا تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً) يتجلى ذلك منذ أول لحظة تضع فيها قدمك على أرض المدينة الموعودة بساكنها العظيم ،
أنت هنا فى حضرة ( محمد بن عبدالله) فلا تشغل بالك بشيء على الإطلاق، ليس عليك إلا أن تستنشق من هوائها قدر ما تستطيع حتى تجد نفسك وقد استعدت ضبط المصنع كما يقولون عند ضبط هاتفك المحمول ، كل خلية داخل جسدك ستعود إلى مكانها الأصلى ، كل معنى سليم سيأخذ مكانه القديم على حساب الظنون والأوهام ،
لا مكان لديك هناك لشر أو سوء ظن، حتى التعب والإرهاق ستشعر فى المدينة أنه مكافأة وهدية، أنت هنا فى حضرة البشير وكل شيء حولك يبشرك بالخير، طيبة المدينة المنورة موطن السر العظيم فيها وحدها تستشعر معنى قوله تعالى (فَنَفَخنَا فِيهِ من رُوحِنَا) أنت قبل دخولها تمثال من صلصال وبعد دخولها آدمى صاحب روح حية ببركة سيد ولد آدم روح الأرواح سيدنا محمد.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية