تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
عيد ميلاد مجيد أيها العالم
شجرة الميلاد حزينة هذا العام، الزينة أفسدتها دماء الأطفال والدمع المالح، المسيح يدخل الهيكل حزينًا هذه المرة وينظر إلى جنود الاحتلال بغضب ويحمل الأطفال من تحت الردم ويصعد بهم إلى السماء، الفرحة مزقت فستانها وسارت فى شوارع القدس القديمة تبكى فى صمت، أجراس الكنيسة أصابها الخرس بينما وقفت سيدة ثكلى تُضيء شمعة تحت صورة العذراء وتهمس: فى مثل هذا اليوم ولد السيد المسيح وعم السلام.
همست طفلة مسيحية: عيد ميلاد مجيد يا أيها العالم، ولفظت أنفاسها فى مستشفى (المعمدانى).
مسح السيد المسيح رأسها بحنان ونظر إلى يافطة تحمل اسم المستشفى وهمس برقة: المعمدانى، تذكر ابن خالته الوديع الطيب (يحيى بن زكريا) ذلك الرجل النبيل، صوت الحق الصارخ فى البرية وتذكر كيف قُتل من قبل وارتجت المستشفى بمزيد من القصف وهُدمّت غرف وطارت أرواح، قال شيخ عجوز: يا رب إلى متى؟
ربت السيد المسيح على كتفه دون أن يراه الرجل، لكنه شعر بحنان يغزو قلبه فامتثل ونظر إلى الأرض وقال: الحمد لله .
صعد راهب طيب إلى برج كنيسة القيامة وشد الحبل الكبير ليدق الأجراس، لكن يده لم تستطع تحريك الحبل، خذلته قوته وعلا صوت دقات قلبه وهو يتذكر جيرانه الطيبين الذين محت كل أثر لهم قنبلة وقعت على دارهم بالأمس، مد يده مرة أخرى وحاول أن يشد الحبل ويدق الجرس دون فائدة، وحتى حينما نجح أخيرًا فى شد الحبل واهتز الجرس الكبير، لم يصدر عنه صوت بل هبطت منه دموع مشتعلة واتشحت كنيسة الرب بالسواد.
على ناصية الشارع القديم، كان هناك مسجد صغير زرعت بجوار حائطه شجرة، شجرة تشبه شجرة عيد الميلاد، كان الناس يخرجون من مستشفى المعمدانى وهم يحملون أطفالهم الخُدّج بين الحياة والموت، ليس هناك كهرباء ولا أغطية ولا سرائر ولا حضانات ولا أطباء، ليس أمامهم إلا ظل تلك الشجرة، تراصت الأطفال تحت الشجرة كأنها هدايا العام القادم، مر بجوار الشجرة مجذوب فقد عقله من ساعات تحت القصف المستمر وتهلل فرحًا وهو ينظر إلى الجثث تحت الشجرة وصرخ: عيد ميلاد مجيد أيها العالم لقد وصلت هداياك مُبكرًا.
فتحت سيدة جميلة شباكها ونظرت فى أسى ثم لمحت رجلًا يجرى هاربًا بكل قوته، هتفت: أمسكوا به ... إنه يهوذا، لكنه هرب من الشارع ولم يمسك به أحد، كان يقف على ناصية كل شارع من شوارع غزة وبيت لحم وجنين وخان يونس ويأخذ من كل جندى اسرائيلى ثلاثين عملة من فضة ثم يسلم لهم شخصًا فيضعونه على الصليب.
رأى الناس بأعينهم الأمل والسعادة والمستقبل وهم على الصليب يتأرجحون وقد فاضت أرواحهم، بينما ابتسم قائد جنود الاحتلال وقال: المُلك الآن لنا لقد قتلنا ابن الإنسان.
فى جنح ظلام ليلة عيد الميلاد دخلت فاطمة مستشفى المعمدانى، كانت سيدة حبلى فى ساعة الطلق، لاطفها الطبيب : ستلدين فى نفس ليلة ميلاد السيد المسيح.
همست فى ضعف: ليتهم يتركونه هذه المرة يعيش، وغابت تحت تأثير البنج وبدأ الطبيب يجتهد فى استقبال المولود الجديد وعاد القصف من جديد وأظلم المستشفى وصرخ المولود القادم وأفاقت الأم وسألها الطبيب فى حنان: بماذا ستسمين المولود الجديد يا فاطمة؟
همست فى إعياء: عيسى؛ عاد النور واحتفل الجميع فى المستشفى المُهدّم بميلاد عيسى ومر بجوارهم السيد المسيح مبتسمًا وغنى الجميع: عيد ميلاد مجيد.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية