تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
شرق البحر وغربه
فى الستينيات والسبعينيات كان حينما يلتقى شقيق خليجى بشقيق مغربى، يلجأ كل واحد منهما الى اللهجة المصرية، فيتم بينهما الوصل والتفاهم، وهكذا كانت اللهجة المصرية هى اللسان الذى يوحد اللهجات بين شرق البحر الأحمر وغربه، وذلك بفضل السينما المصرية ولهجة أبطالها.
وهى السينما التى سادت فى تلك الفترة بقصصها وجاذبية نجومها وعظمة مخرجيها، وتدور الأيام وتحدث طفرة كبرى شرق البحر فى المملكة السعودية لا ينكرها الا مغرض او ضعيف البصر، ويسعد الجمهور السعودى شرق البحر بتلك الطفرة بعد سنوات طويلة مرت على أجيال بأكملها لم يكن يتصور خيالهم الجامح، ان الرياض وجدة ستشهد كل تلك الحفلات وكل هؤلاء النجوم، ولأن الأخوة شرق البحر يعرفون حجم وبريق واهمية النجوم المصريين غرب البحر، ومدى تأثيرهم وحب شعبهم الجارف لهم.
قاموا بصنع حفلات ضخمة وعلى مستوى احترافى عالمى، فشهدنا ليالى ساحرة، للملحن محمد الموجى وأخرى لهانى شنودة، وثالثة لجيل التسعينيات، فضلا عن نجوم التمثيل والتشخيص المصرى وحضورهم فى مسرحيات تعرض لعدة أيام قليلة على مسارح السعودية، وتعلو الضحكات شرق البحر على خفة ظل على ربيع وحمدى الميرغنى وأس أس، فضلا عن دور العرض السينمائى العديدة التى فتحت شرق البحر بشكل يفوق اضعاف دور العرض السينمائى غرب البحر، وفتح ذلك سوقا ضخمة كبيرة وبابا واسعا لفنانين وافلام تحقق افلامهم ربما إيرادات ضعيفة جدا فى مصر غرب البحر وتحقق ارقاما كبيرة جدا شرق البحر فى السعودية وهو شيء جيد ويثرى الصناعة ويعطى فرصا جديدة للخاسر غرب البحر بالنجاح شرقه، فضلا عن مهرجان جدة السينمائى الواعد والذى يزينه كل عام نجوم من الشرق والغرب ويكتسب عاما بعد عام مزيدا من الوهج.
كل ذلك شىء جيد وحسن ومطلوب، وفى صالح الجميع شرق البحر وغربه، واذا كانت الاواصر التاريخية والدينية والاجتماعية التى تربط بين شرق البحر الأحمر وغربه هى أواصر قديمة ومتينة ولا انفصام لها، فإن هذا التواصل الفنى ربما فى حالة التكامل والندية والمشاركة السليمة، يحقق الكثير للفن العربى شرقا وغربا، ولكن لابد لكل حراك حقيقى ونجاح وظهور من ضريبة وثمن، وهذا الثمن يتمثل فى الحساسية المفرطة تجاه تصرفات تحدث أحيانا من ناحية شرق البحر أو غربه، فيظهر معلق رياضى سعودى يتحدث عن محلية الديربى المصرى بين الأهلى والزمالك وعالمية الدورى السعودى، فيغضب الناس ويظهر مطرب مصرى يحاول ان يبدو مجاملا لطيفا ردا على الاحتفاء الكبير الذى تم به شرق البحر فيغير كلمات اغنية مصرية ويبدل كلمة الإسكندرية بالسعودية فيغضب الناس غرب البحر، ويشتعل تويتر عبر تراشق مضحك فى طفولته ، فلا كلام المعلق السعودى سيجعل الدورى المصرى محليا ولا غناء المطرب للسعودية سيجعل الإسكندرية سعودية.
لكن هناك واقعا جديدا بالفعل يجب التعامل معه بعقلانية وذكاء وقبول بل واستثمار أيضا، الواقع يقول ان الدورى السعودى يشتمل بالفعل على نجوم عالميين كبار مما سيجعل نسبة المشاهدة عالية وعالمية بالفعل.
والواقع يقول أيضا إن الفرق المصرية خصوصا الأهلى والزمالك قادرة على مواجهة هؤلاء العالميين واحراجهم والتفوق عليهم أحيانا، سواء النادى الأهلى الكبير فى كأس العالم للأندية والذى كاد يحتكر الوصول اليه ووصل فيه للمركز الثالث، وان نادى الزمالك الكبير، أيضا تفوق على نادى النصر السعودى الكبير وتعادل معه الأخير بصعوبة رغم وجود رونالدو وساديو مانيه بين صفوف النادى السعودى، هذا هو التنافس الحقيقى، تنافس محبة وروح رياضية تليق بالتاريخ والاخوة الموجودة بين شرق البحر وغربه،
جرى العرف فى مهنة الطرب والغناء والفن عموما ان يجامل الضيف المكان الذى يستضيفه، فتجد النجم الأمريكى مثلا فى دولة إسلامية يقول لهم شكرا والسلام عليكم، وتلك المفردات التى تجعل المضيف سعيدا بضيفه، وكذلك يفعل اهل الغناء فإذا غنى المصرى فى سوريا مدح دمشق، واذا غنى اللبنانى فى مصر قال انها ام الدنيا، وهكذا طبيعة الأشياء، فما المانع ان يمتدح المطرب اهل شرق البحر الذين يستضيفونه، فليس هناك مضيف ينتظر مدحا مبالغا فيه من ضيفه، لكنها المجاملة اللطيفة المهذبة المقبولة، بعيدا عن المجاملات السمجة المهينة، والحمد لله ان ذلك امر نادر الحدوث وممجوج من غالب الفنانين شرق البحر وغربه، ليكن الفن سجادة حمراء انيقة مفروشة فوق البحر الأحمر يعبر عليها اهل الفن من الغرب الى الشرق ومن الشرق الى الغرب فى حب وتكامل وندية فشرق البحر يملكون المال والطموح والشغف، وغرب البحر يملكون الرصيد والتاريخ والخبرة وكلاهما بينهما حبل متين من المحبة والعشق والوصل والأخوة، قادر على جعل شرق البحر الأحمر وغربة واحة عالمية من فن إذا غابت الحساسية الكاذبة والغرض المريض.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية