تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

رفح.. معركة إسرائيل الخاسرة

لا يتصور الاحتلال الإسرائيلى أنه يخسر كل شيء بمغامرات غير محسوبة وخسارته فادحة ويقود منطقة الشرق الأوسط بغباء شديد إلى حرب واسعة النطاق وإرغام أطراف أخرى بالدفاع عن أرضها واستقرارها ومواقفها وتتجاهل حجم الخطر السائد الذى يتسبب بإشعال صراع يمتد لسنوات طويلة ويؤدى لوأد السلام وقطع العلاقات مع الدول العربية بعد تقارب بدأ يتخذ مجراه ولكن النظرة الحاضرة وسط مشهد حرب بربرية فى عيون القيادات الإسرائيلية تبدو وكأنها طوق النجاة لبقاء دولة إسرائيل.. فتغالبهم المواقف وهم لا يشعرون.. بأن القدر قد يطوى فى غياباته بداية نهايتها.

 

ينجرف رئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو خلف حماقات سوف تدفع ثمنها ـ باهظا ـ إسرائيل وحدها وقد اعتاد مناظر الخراب والدمار ودماء الأبرياء تغرق الأرض الطيبة العامرة بالسلام والترويج لأكاذيب ونسج خيوط الوهم يغزلها حتى يؤمن بها.. فيعتنقها الرأى العام داخل إسرائيل وخارجها.. بينما الحقيقة فى ميدان المعركة تظهر وجها آخر يرفض رؤيته من منظور قريب.. فغايته ـ سعيا فى حرب غزة ـ بالقضاء على الفصائل الفلسطينية وتهجير أهلها ولن يستطيع تحقيق غايته. انطلق رئيس الوزراء الإسرائيلى يقود الحرب البربرية من شمال قطاع غزة إلى جنوبها.. حتى وصل بجنود الاحتلال إلى أعتاب جنوب رفح وتكدس سكان غزة المهجرين البالغ تعدادهم 2٫3 مليون نسمة داخل منطقة تبلغ مساحتها 55 كم².. إذ يوجد فيها نحو مليون و400 ألف فلسطينى واختارها بعد الإيعاز بأنها منطقة آمنة.. بينما هى خطة المؤامرة بوضعهم فى مواجهة الحدود المصرية وإجبارهم بالولوج إلى سيناء وكشف جيش الاحتلال عن وجهه القبيح بالرغبة لاقتحامها تحت غطاء الأكاذيب بوجود أربع كتائب من قوات حماس تتخفى بين المدنيين.. إنه أمر يدعو للسخرية بحيل مفضوحة ونيات سيئة ولن يكون الصمت المصرى عليها مقبولا.. مهما كانت النتائج.

دكت قوات الاحتلال الإسرائيلى منطقة خان يونس.. جعلتها كغيرها من مدن قطاع غزة يشيع فيها الخراب والدمار ويحدوها الأمل كذبا بالعثور على عناصر الفصائل الفلسطينية والأنفاق المختبئة داخلها.. دكت الأرض دكا وما عليها ولم تعثر على شيء.. مما روجت إليه وسوقته للعالم بأسره وخلفت وراءها رائحة الموت بين مبانيها وشوارعها وغادرتها خالية الوفاض.. تريد شق الطريق وصولا إلى رفح.. الملاذ الأخير للمهجرين من غزة لتجهز على ما تبقى منهم وترتكب بذلك أكبر كارثة إنسانية عرفها التاريخ.

تصم قيادات دولة الاحتلال الإسرائيلى آذانها عن دعوات الرفض العربية والعالمية والمنظمات الدولية.. لا تعيرها أدنى اهتمام.. تركت الجميع يندد ويحذر من مخاطر تداعيات اقتحام قواتها منطقة رفح ووقفت على صلفها تتشبث بموقفها المليء بإصرار غريب على تنفيذ مخطط ينطوى على خطر محدق وكأنها تتحدى العالم أجمع بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية الداعم الرئيسى لها والرافضة لغزو المنطقة.. ما لا يعرفه هؤلاء أن رفح خط أحمر للدول العربية ومصر على رأسها ولن يقبلوا بتجاوزه.. فذلك قرار لا يحمد عقباه ويؤجج الصراع ويضع إسرائيل فوق جمر النار ولن تقوى على الصمود لتحقيق أهدافه.

لم تتوقف حكومة الحرب فى إسرائيل صمتا.. تبوح بمخطط جرى الإعداد له لاقتحام مرتقب برفح وهى تختبر ردود الأفعال الإقليمية والدولية ومدى القبول به.. فتراجع موقفها وتتفهم الظروف المعقدة وقسوة القرار وتسترد وعيها وتصحو من غفوتها وتعى بأن ما تخطط له يصاحبه عواقب وخيمة تدفع ثمنه باهظا ويحدث هوة واسعة فى المشهد الدولي.. فتعلق مصر اتفاقية السلام الممتدة منذ أربعة عقود وتفقد الدعم والتأييد الأمريكى المطلق وتعاطف دول العالم المساندة وتصبح وحيدة فى مواجهة مصر والعالم العربى وتلفها العزلة غارقة مرة أخري. ما يروج له رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو يخبئ فى جوفه نيات سيئة.. فلو منحته المواقف الدولية الضوء الأخضر.. فلن يتردد لحظة واحدة باقتحام رفح والقضاء على ما تبقى من سكان غزة الفارين من هول الحرب التى حولت القطاع بأكمله لمدينة أشباح أو على أقل تقدير دفعهم بالتهجير إلى سيناء.. لأنه يريد وضعا آخر بخياله ينشده لغزة مستقبلا بعد أن تضع الحرب أوزارها. يستغل نيتانياهو الترويج لمخطط اقتحام رفح.. ليحقق أضعف معتقداته بالضغط على فصائل المقاومة الفلسطينية ــ للرضوخ ــ قبولا بالشروط الإسرائيلية لوقف الحرب والإفراج عن الرهائن والضغط على الدولة المصرية حتى تدفع حماس لتقديم تنازلات بعملية التفاوض الجارية والبناء على مخرجات مفاوضات باريس.. فهناك سيناريو إسرائيلى جرى نسج خيوطه بعناية فائقة ويقود جميع الأطراف الفاعلة فى تسوية الأزمة بالتعامل مع التهديدات بجدية.. كونها ورقته الرابحة ليحصد ثمارا ويخرج عبرها بما لم تحققه حرب دامت أربعة أشهر بلا انتصار يصل إليه.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية