تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
تضليل الرأى العام.. حادثة «الإقليمى» نموذجا
اتقدت مشاعر غضب الرأى العام إثر حادثين جرى ارتكابهما على الطريق الدائرى الإقليمى راح ضحية لهما أرواح بريئة خرجت سعيا على قوت يومها واتجهت سهام النقد مصوبة نحو صدر وزير النقل الفريق كامل الوزير الذى تصادف سفره فى تلك الأثناء بزيارة رسمية إلى تركيا.. غاب الانتظار للوقوف على الأسباب وبيان الحقيقة وبدت الحيرة سائدة تباعد مسافات الطريق.. فلا تصل وجهتها وأصدر الغاضبون حكمهم بإقالته ومحاسبته.. وضعوا فوق كاهله مسئولية ما حدث ونفضوا مسئولية سائق متهور تجاهل الالتزام بتعليمات وضوابط المرور على طريق يجرى إصلاحه.
وجد كامل الوزير مصيره مدفوعا بمحاكمة شعبية عاجلة.. كل شىء كان معدا ومجهزا.. حاكموه فى غيابه واستغل الكارهون لاستقرار الدولة مشاعر الغضب السائدة ليهيلوا التراب على إنجازات جعلها واقعا وحقق لمصر تقدما بتصنيف جودة شبكة الطرق لتتقدم 100 مركز عالمي من 118 إلى رقم 18 ما يعد إنجازا كبيرا.. لكن كعادة البشر كل انجاز يذهب جفاء.. تغفله القلوب التى فى الصدور بين سحابات الغضب.. ليفرض الحادثان وجودهما بتشويه حقيقة ما حدث.
هناك دائما مغرضون يتربصون ريب المنون بالدولة المصرية فى كل حادث يقع.. يصورون الأمر على غير هدى من الحقيقة ويسعون ليشيعوا وهم عجز أصاب القيادة السياسية وفشل الحكومة بإدارة الموقف وانفراط عقد بالقبض على زمام الأمور ووهن بتصويب الأوضاع الخاطئة.. بينما يتجاهل هؤلاء أن كل حادث ينطوى على جوانب خفية لا تظهرها إلا تحقيقات تجريها جهات الاختصاص.. فتضىء الجوانب المظلمة ليرى الجميع الحادث بكافة جوانبه.. لكن لا أحد ينتظر.. يستبقون النتائج. السعى بإصدار أحكام مسبقة أمر ينطوى على خطورة كبيرة ويدفع بأبرياء لتحمل مسئولية حوادث أليمة.. بينما المسئولية المباشرة غائبة ولا يمكن إعمالا للعقل إلقاؤها فوق عاتقهم وتجاهل أطراف أخرى لديها مسئولية مباشرة.. لكن الرأى العام مدفوعا بمشاعر بريئة ينساق خلف وقائع يروج بكونها الحقيقة ولا يعبأ بالبحث عن جوانب أخرى خفية.. قدمت إليه صورة جرى نسجها بملامح مغايرة فانساق وراءها منحازا إليها وبات صعبا تغييرها بالأذهان.. تغافل الرأى العام متجاهلا إنجازات عظيمة حققها كامل الوزير وزير النقل.. أطاح بكل ما تحقق فى خضم الحادثين الأليمين وأصدر أحكاما قاسية نالت منه.. لم يكلف نفسه عناء البحث عن وجه الحقيقة وسط سحابات الأكاذيب.. عن سائق مستهتر متهور قاد مركبة بلا رخصة قيادة وتحت تأثير المخدرات.. لم يدعه الوزير ليقود سيارته فى هذه الحالة ولا أعطاه تصريحا.. هناك من سمح له وقبل بوضع خاطئ وغض النظر عن واقع كشف الجهل بحقائق الأمور وغيبه عن إصدار أحكام عادلة لا تجور على حقوق الأبرياء.. بينما وجب توجيه الاتهام لأطراف أخرى هى الأولى بالمحاكمة.
تبوأ كامل الوزير وزير النقل مقعده بالحكومة المصرية وفوق عاتقه مسئولية النهوض بالطرق ورفع كفاءتها وإنشائها وفق المواصفات العالمية ولم ينحرف بالمسئولية وأثبتت اللجنة الفنية أن الحادثين وقعا نتيجة خطأ بشرى وليس لعيوب فنية وجدت بنهر الطريق الدائرى الإقليمى وقد سعى لإصلاحه وصيانته ولو تركه دون ذلك لوجبت إدانته.. يحاكمه الرأى العام على قيامه بأداء مسئولية تناط به ويدع أطرافا أخرى حرة فيما ارتكبته من أخطاء وجبت محاكمتها.. ليس هناك ذنب اقترفه ليحاكم عليه.. استثمرت الدولة المصرية استثمارا عظيما فى إنشاء شبكة طرق كبيرة ومتطورة حيث نفذت 7 آلاف كيلومتر من الطرق الجديدة ورفعت كفاءة أكثر من 8 آلاف كيلومتر أخرى وهذا جهد هائل من العمل يثاب عليه الفريق كامل الوزير ولكن بكل تأكيد هذه الطرق مهما كان الإنفاق عليها تحتاج دائما ـ بطبيعة أى عمل إنشائى ـ إلى أعمال صيانة وإصلاح دورى بظل كثافة الاستخدام الموجود عليها.. أتصور الطريق الدائرى الإقليمى واحدا من أهم الطرق الموجودة بمصر نظرا لكثافة وشدة الحركة عليه كونه يمثل 30% من حركة النقل ويحتاج فى المقابل لحجم أكبر من أعمال الصيانة وهو ما كان يجرى بالفعل داخل مناطق يتم بها أعمال الإصلاح وفى الوقت ذاته استمر الطريق مفتوحا تستخدمه وسائل النقل المتنوعة.. مما أدى لزيادة المدة الزمنية لعمليات الصيانة ويستوجب على السائقين توخى الحذر حفاظا على الأرواح. لن يكون حادثا الطريق الدائرى الإقليمى آخر الحوادث.. فمازالت هناك هوة تباعد بين تنمية الوعى المجتمعى بأهمية إتباع سلوك القيادة والالتزام بقانون المرور والإصرار على انتهاج الفوضى المرورية والعبث بأرواح الأبرياء.. فإذا كان الفريق كامل الوزير وزير النقل لديه مسئولية.. فالمواطن أيضا لديه مسئولية أهم وأعظم.. كون ما يرتكبه من أخطاء يؤدى بشكل مباشر لوقوع الحوادث ويقينى أن تدارك الأخطاء لا تتم بمحاكمة المسئولين وإنما بتقويم سلوك البشر.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية