تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
فى عيدِه.. استدعاءٌ للأب المصرى
يلزَم التنويه ابتداءً بأننى فوجئتُ بعد مرور ربع قرنٍ على كونى أبًا، بأن يوم 21 يونيو من كل عامٍ تَم تخصيصُه ليكون يوم عيد للأب، وكان ذلك عندما باغتتنى «جنَة» -أصغر بناتى - برسالة تهنئة ذيلتها بإشارةٍ لعيد الأب وهو ما لَفت انتباهى لأنها تهنئة خاصة لا مُجرد رسالة محبة،
وكان وصولها قادرًا على تحويل المُتابَعة من واقعٍ إقليمى حولنا يستعر جحيم أطماعِه، وجُنون تربص يُعمِل نصاله فى أبدان الأوطان، إلى خاَنة التأمل فى أسباب دعم مكامِن القوة المصرية لتكون قادِرة على حمل «بهية» وأبنائها إلى حصن يضمن البقاء ويؤهل للنماء، الأمر الذى يُحوِّل (عيد الأب) من مجرد مُناسبة اجتماعية إلى فُرصَة لاستدعاء الرمز وتعميمه على الوطن، حيث الآباء الذى أورثونا وطنًا نُباهى بحضارَتِه، والقُدرَة على استيعاب قيمَة الإرث حال الإلمام بجهد الآباء من صُناعِه، والتَنَبه لرمزية فِعل التنمية الذى يُمثله جهد الأب عندما قرر أن يزرع شجرَة وهو يُدرك أن عُمره لن يطول لينعم بثمرها أو حتى ظلها، إنَّهُ فِعل الحياة الذى تتحرك نحوه فطرَة الآباء لضمان استمرارية هبة الخالق للخلق.. الحياة.
إن التأمل فى تحديات البقاء المصرى على خريطة عالَم يتشكل، يقودنا نحو ضرورة إعادَة الاعتبار لمُناسباتٍ قررت الإنسانية أنها أيامٌ تُحيى فتحيينا معانيها، وبهذا يتجاوز (عيد الأب) كونُه مجرد احتفال عالمى، إلى اعتباره مناسبة لتأمل أدوار الآباء ومعهم كل «كبير» فى حياتنا المصرية، استدعاءً لمكانة فاعله وموقع تأثير للكبير سواء فى الأسرة أو فى العائلة أو العلوم والمهن والحرف والفنون، بعيدًا عن أى سلطوية تُعيل، واقترابًا من تفاعلٍ إيجابى، يهدِف إلى توريث التجارب والحكمَة، ويُوجِه الرؤى ويدعم الانطلاق، بما يسهِم فى دعم لُحمَة الفيسفساء المُجتمعية الوطنية، ويعصمها من زلل التفتت أو الانفصال عن الإرث أو الجنوح إلى الاغتراب.
إن الأب أو الكبير الذى تنشده بهية فى هذا التوقيت، هو ذلك الرمز الإنسانى الجامِع، بما يمثلُه للأسرة أو دوائر الرعاية كمصدر للتوجيه والصيانة والمسئولية، ودليل يقود المسير بحنكة القادرعلى اتخاذ قرارات تصب فى مصلحة الأبناء - الأجيال القادمة -، حفاظًا على حقوقهم فى الإرث وضمانَة لاستدامَة مواردهم، نموذج يجسد القدوة بمفاهيمها التى تتسع انطلاقًا من القدوة فى الأسر والعائلات ومرروًا بالقدوة القيادية الملهمة فى مختلف المجالات، من السياسة والاقتصاد إلى التعليم والثقافة، وليس انتهاءً بإحياء الآباء فى كل دروب البناء والتنمية وتسليط الضوء على إنجازاتهم كمصدر إلهام للأجيال الحالية والقادمة.
إن الأب المصرى أو الكبير المنشود فى كل المجالات، هو البيان العملى لتطبيق قيم التكافل والمسئولية المشتركة، تلك التى يتحملها الأب عن أبنائه، وينشدها واقعنا كبارًا تجتمع إراداتهم على تبنى تلك القيم لتحصين أركان البناء الوطنى ولتنفيذ خطط تنميته، باعتبارها الأساس لبناء مجتمع مترابط ومتماسك وقادر على مواجهة التحديات،
وعندها تتواصل القنوات بين الأجيال بما يُحيى الانتماء القائم على أبوة الرعاية لا سلطوية الولاية، وعيًا جميعًا بأنه كما للوالد حق على ولدِه فإن لوَلَدِه عليه حقًا، لتستوى فى ذلك الأبوة البيوليوجية مع الأبوة الوطنية،وليكون الناتج بيئة أسرية متجانسة، وبيئة وطنية داعمة تتيح للفرد تحقيق طموحاته التى ستصب حتمًا فى بناء الوطن وصيانَته والذود عنه.
إن عيد الأب المصرى الذى نستدعيه، يتذكر كُل قيمة لكبير فى أسرة الوطن، وينتصر لإحياء قيمة الآباء الرواد قديمًا وحديثًا، ويشمل كل كبير وقف يومًا على ثغر من ثغور البناء والتنمية والحماية، يدعو إلى ساحات احتفالاته كُل المُكرمين بدايَة من الآباء الذين إليهم ننتمنى ومن كدهم كان نمونا وبمحبتهم نتزود فى مواجهة كل قبح وكراهية،
ومعهم كل كبير علمنا أو وجهنا أو نصحنا أو حتى قسى ليردع جنوح أخطائنا، وليس انتهاءً بأصحاب البصمات فى شتى دروب الإعمار المصرى أمثال، «حسن فتحى»، «أبو العمارة البيئية»، و«صابر الخيامى» حارس التراث الشعبى الخيامية -، و«أمين باشا ساويرس» رائد السياحة فى القرن التاسع عشر، و«محمد أفندى أنسى» أبو الطباعة المصرية، والنوبى «محمد مصطفى» «أبو فن النحت اليدوي»، والمعلم «مرسى النجار «أبو صناعة الأثاث الدمياطي»… فتشوا فما أكثر الآباء فى مصر الذين بالاحتفاء بهم نستلهم أسباب النماء والبقاء.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية