تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
محفوظ وشكسبير !
هذه الأيام ذكرى وفاة صاحب نوبل نجيب محفوظ .. وبالتحديد ٣٠ اغسطس ٢٠٠٦ .. ومازال صدى كلماته يوم فوزه بنوبل .. تتردد فى وجدانى .. فلم يحدث فى التاريخ .. ان كاتبا او اديبا .. أعلن فى يوم عرسه .. يوم فوزه باعظم جائزة عالمية فى الآداب .. وفى مؤتمر صحفي .. امام الدنيا كلها .. انه يوجد بيننا من الأدباء من هم أحق بالجائزة منه .. قال بالحرف .. ان اساتذتى الذين بدأوا نهضة الأدب العربى الحديث .. هم أحق منى بلا جدال .. فالدكتور طه حسين والعقاد من أجدر الأدباء الذين يستحقون الجائزة اكثر منى .. وكذلك توفيق الحكيم .. وردا على سؤال من احد الصحفيين .. عن مدى جدارة الأديب السودانى الطيب صالح بالجائزة .. ويجيب محفوظ .. بنعم فالطيب صالح .. جدير بالجائزة من غير شك .. وبقمة التواضع يقول كاتبنا الكبير نجيب محفوظ .. لقد كانوا يستحقونها .. هؤلاء جميعا .. ولكن ها أنا ذا أهديها لهم .. هكذا هو نجيب محفوظ .. الذى وضع الأدب المصرى .. وايضا الأدب العربى .. جنبا الى جنب الأدب العالمى .. من هنا .. اجد انه يوجد تشابه كبير .. فى تناول الرواية .. بين اديبنا العالمى محفوظ .. والاديب الإنجليزى الكبير وليام شكسبير .. فهما يشتركان فى نفس الملامح الفنية والنقدية .. ويكفى ان نعرف .. ان التغلغل داخل النفس البشرية .. وكشف حقيقتها على الورق .. هى السمة المشتركة بينهما .. وهما يشتركان فى فن كتابة الرواية التاريخية وايضا الواقعية .. ومعهما الرمزية .. كما جاء فى الحرافيش وأولاد حارتنا والثلاثية وليالي الف ليلة .. وقد اشتركا ايضا فى .. صفة انتقاء شخصيات روايتهما .. وكل شخصية لها مذاقها وطبيعتها بل وسحرها .. وقد تأثر كل من محفوظ وشكسبير .. بتأثير الجن على الانسان .. وايضا عذاب الضمير .. عظمة محفوظ .. انه خطفنا لنعيش الواقع ونتعمق فيه .. على نفس طريق شكسبير .. قدم لنا محفوظ أحياء القاهرة ووصف شوارعها .. كما جاء فى روايته الأخيرة قشتمر التى كتبها فى عام ١٩٨٨ .. من هنا جاءت الواقعية التاريخية .. وهو نفس ما فعله شكسبير فى الملك لير .. ووصفه لروما ونفس الخلفية أو الواقعية التاريخية للقيصر جوليوس .. ومن المدهش .. ان هناك تطابق بين الرواية العربية لمحفوظ والرواية الإنجليزية لشكسبير .. خاصة من الناحية التاريخية المليئة بالمغامرات والحروب .. وفى عبث الاقدار يكشف محفوظ دور السحر فى حياة الفراعنة .. عندما دعا الملك خوفو بانى الهرم الأكبر .. أولاده وبعض الحكماء .. طالبا منهم ان يحكوا له قصص عن قدماء السحرة .. وهو تقريبا ما فعله شكسبير فى رائعته ماكبث .. عندما التقى ماكبث بالساحرات وانبئوه بأنه سوف يصبح ملكا .. بيد ملطشة بالدماء .. وهنا نصل الى استخدام السحر .. فى ادب محفوظ وشكسبير .. وهو ما كان سائد فى تلك الفترات الزمنية .. ولابد ان نوضح ان نجيب محفوظ يختلف مع شكسبير .. فى ان الأول من الجيل الثانى .. فى كتاب الأدب العربى الحديث .. اما الجيل الأول فهم : العقاد وطه حسين وتوفيق الحكيم ود. هيكل ومحمود تيمور والمازنى .. وقد ظهر بعد هؤلاء العمالقة الجيل الثاني .. فى الأربعينات وهم : نجيب محفوظ وجوده السحار ويحيى حقى ويوسف السباعى ويوسف إدريس ود . حسين فوزى .. ويبدع محفوظ فى القاهرة الجديدة التى كتبها فى ١٩٤٥ .. حيث الأزهر والحسين .. ثم خان الخليلي وزقاق المدق .. وبراعة الغوص داخل نفوس الناس فى اهم الأحياء الشعبية .. وكيف يعيش الناس حياتهم اليومية .. وتأثير الحرب العالمية الثانية .. ووجود الجيش الإنجليزى فى مصر .. ومحاولات التقرب الفاشلة للمصريين .. وهو نفس ما فعله شكسبير فى حلم ليلة صيف .. وتاجر البندقية .. واتوقف امام المأساة فى اعمال محفوظ وشكسبير .. فكل منهما ركز على النهاية المأساوية .. كما فى خيانة الصديق لصديقه .. والتى مازالت مقولته الشهيرة .. حتى انت يا بروتس .. أصدق تعبير لخيانة أقرب الأصدقاء لصديقه .. عندما تسابق الجميع على طعن الملك .. حتى صديقه بروتس .. وفى رائعة خان الخليلي .. يصور محفوظ التغير فى حياة الناس .. فإن هذا التغير .. بين كل فترة .. وبين ما يحدث وما يتمناه الانسان .. قد تكون مأساة .. كما فى خان الخليلي .. فى تقديرى ان زقاق المدق .. هى الانطلاقة الحقيقية .. التى قدم بها محفوظ نفسه للعالمية ولنا .. واتوقف امام الثلاثية : بين القصرين _ قصر الشوق _ السكرية .. وهم يتشابهون مع هاملت _ ماكبث _ الملك لير .. لشكسبير .. اعترف انه بالرغم من الفارق الزمنى الكبير .. شكسبير فى القرن السادس عشر .. بينما محفوظ فى القرن الواحد والعشرون .. إلا أنهما .. يتشابهان فى إبداع الوصف الدقيق .. وكشف ما بداخل النفس البشرية .. وهذا سر خلود اعمالهما .. بقى ان نعرف .. ان نجيب محفوظ .. اسم مركب .. أطلق عليه نسبة الى الطبيب الذى تولى ولادته .. فقد أظهر براعة حيث كانت ولادته متعثرة جدا .. اقول ان نجيب محفوظ .. سوف تعيش اعماله فى وجداننا مدى الحياة .
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية