تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
سلماوى وحرب الإبادة!
فى بداية التحاقى بصحيفة الأهرام عام 1991، أهدانى الكاتب والأديب الكبير محمد سلماوى، وكان آنذاك نجما ساطعا فى الدسك المركزى للصحيفة، روايته الفاتنة «الخرز الملون» الصادرة ذلك العام. التهمت صفحاتها التى يمزج فيها المؤلف بين الخاص والعام.. مأساة البطلة ومحنة وطنها فلسطين. كل فصل من الفصول الخمسة، يوم فارق فى حياة البطلة، لكنه أيضا سجل لتطور المأساة الفلسطينية. لم يكن من الغريب وصف الروائى العملاق الراحل خيرى شلبى العمل بأنه مثل «أيام العرب»، أى وقائع تاريخهم قبل الإسلام، ولكن بالطريقة الروائية الحديثة.
لكن ما شدنى للرواية أن البطلة هى جاكلين خورى الصحفية الفلسطينية، التى حملت فى الرواية اسم نسرين خورى، كانت رئيسة للقسم الخارجى الذى كنت أحد أبنائه بداية دخولى الأهرام. سمعت عنها الكثير من زملاء كبار لكن الأستاذ سلماوى انطبق عليه المثل القائل: «قطعت جهيزة قول كل خطيب». كانت نموذجا للفلسطينى الموهوب المبدع الذى أجبرته النكبة على الشتات فى بقاع الأرض، لكنه لم ينس أبدا قضيته وبلده وحلمه بالعودة. ومن خلال الرواية، نتعرف على فصول المأساة الفلسطينية ممزوجة بحياة البطلة التى انتهت حياتها بطريقة مأساوية ربما لأن حلم الدولة والعودة أضحى بعيدا بعد أن تآمر عليها الغرب وتخلى عنه العرب.
أعادت دار نشر محترمة طبع الرواية لأن ما يجرى من عدوان همجى وردود فعل مائعة بل مهادنة أحيانا، تؤكد أن رؤية الكاتب كانت سابقة لزمنها، وأن الإبادة الجماعية والتدمير والقتل ومحاولات التهجير باقية، وإن اختلفت الوجوه وتغيرت السياسات شكليا.
نحن أمام نكبة ثانية ما لم يتحرك العالم والعرب لوقف المذبحة. الرواية تؤكد أيضا الرابط التاريخى والاجتماعى والعاطفى بل الوجودى بين مصر وفلسطين، وأن ما أبداه المصريون من حزن وألم وتعاطف ودعم لإخوانهم فى غزة ليس إلا امتدادا لما فعله آباؤهم وأجدادهم. البطلة تزوجت صحفيا ومفكرا مصريا قوميا هو إبراهيم عامر الذى استشهد فى غارة بربرية على مكاتب صحيفة السفير اللبنانية عام 1976. العلاقة المصرية الفلسطينية ممزوجة بالدم والحب والأمل، ولن تنفصم أبدا.
( يتبع)
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية