تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

ربيع الجامعات الأمريكية!

من المفارقات المأساوية، أن رد فعل الإدارة الأمريكية على احتجاج طلاب الجامعات ضد المذابح الإسرائيلية فى غزة، أقوى من ردها على المذابح ذاتها. جندت الإدارة نفسها لإدانة مظاهرات وهتافات تنتقد إسرائيل، واعتبرتها تعادى السامية وتؤجج لخطاب الكراهية وتعرض حياة الطلاب اليهود للخطر.

 

لم تهتم إدارة بايدن باستقلالية الجامعات ولا بالحريات الأكاديمية، ولا بحق الطلاب فى التعبير السلمى عن آرائهم، ولم تهتم القيادات الجامعية سوى بالخضوع لأعضاء متشددين يمينيين فى الكونجرس. وكما يقول روبرت رايش الأستاذ الجامعى ووزير العمل الأمريكى الأسبق إن نعمت شفيق رئيس جامعة كولومبيا «سجدت» أمام الجمهوريين بمجلس النواب ووعدت بتأديب الأساتذة والطلاب بسبب احتجاجاتهم على المذبحة المستمرة فى غزة. الهم الآخر لرؤساء غالبية الجامعات الأمريكية الحفاظ على تبرعات رجال الأعمال اليهود أو الداعمين لإسرائيل، وبالتالى الحرص على عدم إغضابهم وقمع أى تحرك مناهض لتل أبيب. الجمهوريون أيضا زايدوا على الجميع. وصفوا رد فعل الإدارة الأمريكية بالضعيف والسلبى، كما شنوا انتقاداتهم المعروفة للقيادات الجامعية مطالبين بمزيد من الاستقالات لرؤساء الجامعات، مع العلم أن الجمهوريين واليمين الأمريكى عموما لا يحبون شيئا أكثر من مهاجمة النخبة الأكاديمية التى يتهمونها بالعيش فى « أبراج عاجية».

لكن هذا كله لم يُضعف الحراك الطلابى. جامعات كثيرة استلهمت نموذج جامعة كولومبيا، قلب الحرب الطلابية الأمريكية حاليا، وساروا على نفس الدرب. أعاد الطلاب للأذهان الانتفاضة الكبرى عام 1968، احتجاجا على عنصرية المجتمع الأمريكى وحرب فيتنام آنذاك. جاء العدوان الإسرائيلى الهمجى ليخلق حالة تضامن لم تشهدها الجامعات الأمريكية منذ عشرات السنين. مشاهد رجال شرطة نيويورك، وهم يعتقلون الطلاب ويزيلون الخيام، لا تختلف كثيرا عن مشاهد نهاية الستينيات. التاريخ يعيد نفسه ولكن بشكل أسوأ. إنه يعلمنا أيضا أنه كلما زادت وطأة القمع، تضاعف إصرار الطلاب على الدفاع عما يعتقدون أنه صحيح وعادل.

هذا الجيل الطلابى الذى يحتج، سيحكم أمريكا بعد نحو 20 عاما. عندها ستتغير أمور كثيرة، على الأقل لن يكون هناك سياسيون يتفاخرون بأنهم صهاينة أكثر من الصهاينة اليهود.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية