تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
أهمية أن نسخر يا ناس!
فى أوقات الأزمات والصعاب، تلجأ الشعوب للسخرية من نفسها ومن أوضاعها ومن حكوماتها ومن الآخرين. هناك من يجلد نفسه سخرية كنوع من التطهير أو تحمُل المعاناة. السخرية والنكتة والإضحاك أمور لا ينفرد بها شعب عن آخر، وإن كان ذلك يختلف من حيث الحدة والعمق والذكاء.
قبل أيام، عاد الممثل والكاتب والمعلق السياسى الكوميدى الأمريكى اللامع جون ستيوارت لتقديم برنامجه الساخر «الشو اليومى» بعد توقف 9 سنوات. ستيوارت فى حلقته الأولى، سخر من نفسه ومن بايدن وترامب، ومن نفاق الحزبين الكبيرين الجمهورى والديمقراطى اللذين يرى كل واحد منهما «القشة فى عين الآخر ولا يبالى بالخشبة فى عينه». لفت انتباهى كيفية استقبال الإعلام الأمريكى عودة ستيوارت. كان هناك ترحيب عام وتأكيد الحاجة لمثل هذه البرامج. ففى «هذه اللحظات المظلمة من تاريخ أمريكا ليس هناك ما يستحق البكاء». أمة يحكمها أو يسعى لحكمها العواجيز. الفساد السياسى والخلافات والاستقطابات تنخر فى الحياة السياسية. لغة الحوار انزلقت لأدنى مستوى.
هناك حاجة للسخرية من هذه الأوضاع، لكن للأسف عدد الساخرين ليس كافيا. الساخرون الحقيقيون قلة نادرة. الأغلبية مصطنعه أو جاهلة، وهذا ما يجعل الناس تبتعد عن إنتاجهم. فى مصر، نحن شعب ساخر بطبعه. النكت لا تتوقف، وكذلك التعليقات والرسوم الساخرة على مواقع التواصل. لكن التيار العام بعيد عن السخرية. الإعلام والصحافة يفتقدان السخرية منذ زمن. الكاريكاتير الساخر وليس المضحك عملة نادرة تقارب الدولار. البرامج التليفزيونية الساخرة أو الكوميدية غير موجودة تقريبا. فصيلة «الدم الثقيل» هى المسيطرة. حتى برامج المنوعات الخفيفة الرشيقة ساذجة وضحلة.
السخرية فطرة يتمتع بها البعض ولا يمتلكها كثيرون. لكنها أيضا ثقافة، والفنان أو الكاتب الساخر ما لم يتسلح بثقافة عالية ويواصل شحن بطاريته بالقراءة والخبرات، سيتحول إلى مضحك لا عمق له ولا رؤية. أحد أسباب نجاح الصحف روح السخرية التى تشيع بين صفحاتها. جوزيف بوليتزر الناشر الصحفى الأمريكى الشهير(1847- 1911)، رأى أن أهم ما تحتاجه الصحيفة الإيجاز والفكاهة وقوة الوصف. السخرية سلاح من المهم امتلاكه.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية