تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
إبداع الطواحين الهولندية!
وأنت تشاهد اليوم مباراة منتخب الطواحين الهولندى مع المنتخب القطرى بكأس العالم، ربما كان مفيدا التفكير قليلا فى الإبداع الذى قدمته تلك البلاد الضئيلة المساحة( 41 ألف كيلو متر مربع، أى أقل من ربع مساحة محافظة مطروح) للعالم ليس فى كرة القدم فقط، بل فى الزراعة.. تلك المهنة التى ظن كثيرون منا أنها عفا عليها الزمن مع فوران الحديث عن الصناعة والتكنولوجيا والخدمات.
بعدد سكان تجاوز 17 مليونا بقليل، تحدت هولندا الطبيعة، ليس بتدميرها والاعتداء عليها كما تفعل دول كثيرة، بل باستغلالها بشكل يفيد البشر والطبيعة ذاتها. كان المحيط يأكل أرضها، فقلبت المعادلة وزادت مساحتها على حسابه.
المعجزة الأكبر تمثلت فى النهضة الزراعية غير المسبوقة، والتى جعلتها ثانى أكبر مصدر للمنتجات الزراعية بعد أمريكا. أرقام قياسية فى الإنتاج تجعل المرء يضرب كفا بكف متسائلا كيف حدث هذا؟ صادرات تشمل الخضار والفاكهة والخضراوات والورد والزيوت والدهون الطبيعية واللحوم والدجاج والبيض والأسمدة والمعدات الزراعية، وتجاوز قيمتها 105 مليارات يورو.
نظرا لضيق المساحة، تبنت هولندا الزراعة العمودية، كما لو كانت المحاصيل عمارة من أدوار متعددة. إنها الزراعة الكثيفة ليس فى العمالة بل الإنتاج. التكنولوجيا موجودة فى كل مرحلة. الروبوتات لبذر البذور وتنقية الأرض ورى المحاصيل وجنيها. روبوتات لغسل أجسام الأبقار وتنظيف مخلفاتها وحلبها وهكذا. الحلول المبتكرة جعلتها سلة غذاء أوروبا ووضعتها بمكانة عالمية كبرى. العمالة الزراعية مدربة على أحدث التقنيات. أفضل جامعة متخصصة فى التعليم والبحوث الزراعية بالعالم هى جامعة «واجننجن» الهولندية.
فى وقت يصاب العالم بالفزع من تداعيات التغير المناخى على مساحات الأرض المنزرعة والكميات المنتجة وما إذا كانت ستلبى احتياجات البشر، هناك نموذج هولندى يمكن تطبيقه لعالم ما بعد التغير المناخى. ستقل مساحة الأراضى الصالحة للزراعة، وسيزحف البحر على المناطق الساحلية فتغرق مدن وتتصحر أراض شاسعة. ليس أمامنا سوى التفكير بشكل مختلف ومبدع وسريع. وكما فاجأ منتخب هولندا بقيادة كرويف العالم فى السبعينيات بأسلوب جديد، هو الكرة الشاملة، فإنها تقدم له الآن قاربا للإنقاذ.. هو الزراعة المبدعة.
aabdelsalam65@gmail.com
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية