تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
آليات الحفاظ على استقرار الجنيه المصرى
تشهد أسواق الصرف الأجنبي حالة من الهدوء والاستقرار النسبي في القيمة الخارجية للجنيه المصري خاصة امام الدولار الامريكي، وذلك منذ قرارات البنك المركزي في مارس 2024 والتي أكدت الالتزام بالتحول الي إطار مرن لاستهداف التضخم مع السماح لسعر الصرف ان يتحدد وفقا لآليات السوق، الأمر الذي ترتب عليه توحيد ومرونة سعر الصرف، وبالتالي القضاء على السوق الموازية وسد الفجوة بين السعر الرسمي والموازي، وهو ما حد كثيرا من المضاربات التي كانت تتم من قبل وكانت المحرك الرئيسي للسوق، وأصبح الجهاز المصرفي يقوم بدوره كقناة شرعية وقانونية في سوق الصرف الأجنبي، مما حقق الاستقرار النسبي لسعر الصرف، وقد لعبت العديد من العوامل دورا هاما في هذا الصدد، فبالإضافة الي التراجع المستمر في سعر الدولار بالأسواق العالمية كنتيجة أساسية لسياسة التسهيل النقدي التي بدأ الفيدرالي الأمريكي في القيام بها والتخفيضات المتتالية في أسعار الفائدة، الا ان هناك عوامل داخلية ساهمت في هذه العملية يأتي علي رأسها زيادة تحويلات العاملين بالخارج والتي بلغت نحو 36.5 مليار دولار عام 2024/2025 مقابل 221.9مليار دولار عام 2023/2024 وكذلك ارتفعت الحصيلة من السياحة لتسجل 16.9 مليار مقابل 14.4 مليار دولار.
وجدير بالذكر أن التعامل مع قضية «سعر الصرف» يحتاج إلى معاملة خاصة تنسجم مع طبيعته والعوامل المؤثرة فيه، خاصة اتساع دائرة الاثار التي تنتج عن تغييره. فمن المعروف أن سعر الصرف يؤثر على كافة قطاعات الاقتصاد القومي ويلعب دورا هاما في تحديد السياسة النقدية والتعامل مع العالم الخارجي. هذا فضلا عن ان سعر الصرف - كأحد انواع الاثمان السائدة - يؤثر على نظام الاسعار بأكمله.كما ان لسعر الصرف خصوصية، مقارنة بباقي الاسعار، هذه الخصوصية تتشابه الى حد كبير مع سعر الفائدة، فكلاهما يتعلق بتبادل بين وسائل الدفع في شكل نقود أو صكوك دائنية او مديونية، وكلاهما مع اختلاف في التفاصيل يتحدد بعرض وطلب مشتقين من عرض وطلب السلع والخدمات، لأغراض الاستهلاك والاستثمار.
ويلعب سعر الصرف دورا مزدوجا في الاقتصاد القومي، إذ يعزز القدرة التنافسية للبلد مما يكفل سلامة ميزان المدفوعات (فيما اصطلح على تسميته أثر محول الانفاق) كما يعمل على تثبيت الاسعار المحلية (أثر الثروة).وهذه الاهداف قد تتعارض مع بعضها البعض، فاستقرار الناتج والحد من التضخم وعلاج مشكلة ميزان المدفوعات، تتناقض مع بعضها في كثير من الحالات. وبالتالي فإن مناقشة المفهوم الامثل لإدارة الصرف الأجنبي لابد أن تتم في ضوء عدد من العوامل المهمة مثل الأهداف الاقتصادية لدى راسمي السياسات والهيكل الاقتصادي للدولة ومصدر الصدمات التي تلحق بالاقتصاد.
وجدير بالذكر ان مصادر العملات الأجنبية تأتى بالأساس من حصيلة الصادرات السلعية والبترول ومنتجاته وإيرادات السياحة وتحويلات العاملين بالخارج، بالإضافة إلى التحويلات الرأسمالية للداخل. أما الاستخدامات فهي تنقسم الى ثلاثة أنواع أولها الطلب العادي على الواردات السلعية والخدمية وكذلك تسديد الالتزامات الدولية كأقساط الديون الخارجية واستثمارات محفظة الأوراق المالية وارباح الاستثمار المباشر الخ. ثانيهما يتعلق بالطلب على النقد الأجنبي لأغراض الاحتياط او كمخزن للقيمة وثالثهما يتعلق بالطلب لتلبية الأعمال غير المشروعة والمضاربة.
وكلها أمور تتطلب دراسة تفصيلية للمصادر الرئيسية للنقد الأجنبي فى مصر ووضع السياسات المساندة لها ويأتي على رأسها تشجيع الصادرات مع ما يعنيه ذلك من العمل على فتح اسواق جديدة واصلاح الميزان التجاري وهكذا فإن السياسة الراهنة مازالت تحتاج الى تعديل شديد وهو ما يتطلب إعادة تخصيص الموارد المتاحة بالمجتمع بغية جعلها أكثر قدرة على التخصص فى إنتاج سلع التجارة الدولية، عن طريق زيادة ربحية السلع المعدة للتصدير، علي ربحية المبيعات المحلية وتغيير هيكل الأسعار النسبية بالمجتمع.خاصة وان المجتمع المصري لديه من الإمكانات والمزايا التي تمكنه من تحقيق ذلك.
وعلى الجانب الاخر يجب العمل على ضمان تدفقات تحويلات المصريين العاملين بالخارج الى الجهاز المصرفي والحد من تداولها خارجه، نظرا للدور الحيوي لهذه التحويلات في ضبط ميزان المدفوعات ومن ثم الحد من الضغط على سعر صرف الجنيه المصري وتسمح بحرية الحركة في مواجهة المشاكل التي قد تظهر فى اى قطاع من القطاعات.وبالإضافة إلى ذلك فإن الزيادة فى التحويلات قد أدت الى زيادة الطلب على العديد من السلع والخدمات، ومثلت إحدى القنوات الهامة فى زيادة الطلب المحلى مما أسهم في زيادة معدل النمو.
كذلك أصبح من الضروري قيام الجهاز المصرفي بدوره في تعبئة هذه الاموال، بحيث يصبح أكثر قدرة على جذبها وتوظيفها التوظيف الأمثل. وتشجيع التعاملات المصرفية وزيادة رقعة الجهاز المالي والمصرفي المنظم في الاقتصاد القومي مما يؤدى في النهاية إلى الحد من التعاملات خارج السوق المصرفي.
والعمل على جذب الاستثمارات الاجنبية المباشرة والحفاظ عليها وزيادتها، وذلك للحد من التحركات السلبية في البيئة الدولية، وذلك عن طريق ضمان اتساق السياسات الاقتصادية، في هذا السياق تأتى أهمية العمل على استكمال تحسين المناخ الاستثماري وإرساء مبدأ الشفافية والعمل على توفير البيانات عن النشاط الاقتصادي والمتغيرات الكلية القومية ونشرها، والإعلان عن توجهات الحكومة وسياساتها بشكل واضح. وكلها أمور تهدف الي تهيئة البيئة للاستثمار الجاد، ومراعاة المساواة بين الاستثمار المحلى والأجنبي بما يضمن إرساء مبدأ سيادة القانون وحماية حقوق الملكية وتنفيذ العقود والأحكام، وكذلك الالتزام بالاتفاقيات الدولية. مما يساعد على إزالة المعوقات التي تعوق قدرة بعض المؤسسات على الاضطلاع بمهامها.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية